[ماركس ونظريته المادية]
وجاء الثالث اليهودي الخبيث وهو ماركس الذي نادى بنظريته البلشفية الشيوعية، والتي أفلست والحمد لله، وبدأت أوروبا الشرقية التي كانت فيها، وروسيا ترفضها وتتمرد عليها وتنقضها؛ لأنها أثبتت الفشل لها من خلال التطبيق والواقع.
نادى ماركس بحتمية المادة، يقول: إن الذي يحكم الناس: المصلحة المادية، يعني: الريال فقط، ولهذا يقول: لا إله والحياة مادة؛ الحياة ريال، لكن من الذي خلق الإنسان ماركس أو فرويد أو دوركهايم أو دارون؟! الذي خلق الإنسان هو خالق الإنسان، وهو الذي أنزل عليه هذا الدين وهذا الإيمان كلباس مفصل عليه؛ يوم أن يلبسه يعيش في سعادة، ويوم أن يرفضه يعيش في شقاء.
غير أن البشرية أجيبت وفق هذه النظريات الخبيثة على أن الإنسان حيوان، وما دام أنه حيوان فلماذا يكون له دين؟ ولماذا يتميز عن الحيوانات بدين؟ نظروا إلى البقر وإذا ليس لها دين، وإلى الكلاب وإذا بها ليس لها دين، وإلى الخنازير وإذا بها ليس لها دين، وإلى جميع الحيوانات في حدائق الحيوانات ما لها دين، قالوا: وأنت واحد منها فلماذا تخترع لك ديناً؟ لماذا تشذ أنت عن الحيوانات وأنت واحد من الحيوانات؟ فعاش البشر بلا دينٍ كحياة الحيوانات التي قال الله تعالى عنها في القرآن الكريم: {وَالَّذِينَ كَفَرُوا يَتَمَتَّعُونَ وَيَأْكُلُونَ كَمَا تَأْكُلُ الْأَنْعَامُ وَالنَّارُ مَثْوىً لَهُمْ} [محمد:١٢] هذا كلام الله عز وجل.
ولما قدمت هذه النظريات للبشر فهموها على أنها دين وأنها هي المبدأ السائد في الحياة، فعاشوا حياة الحيوان والعياذ بالله! ويوم أن يكون الإنسان حيواناً فلا مكان للعقيدة، ولا للقيم، ولا للمبادئ؛ لأن هذه الأشياء لا مكان لها في عالم الحيوانات، وما الإنسان إلا واحد من قطيع الحيوانات، ويوم أن يكون الإنسان حيواناً فلا معنى للخطأ والصواب في حياة الناس، وخطأ كل شيء صواب عند الناس، ففي أوروبا الآن كل شيء صحيح، حتى إن مجلس العموم البريطاني أباح أن ينكح الرجل الرجل، تعلمون هذا أو لا؟ نعم.
اقترح على هذا في مجلس العموم، وبالأغلبية وافق مجلس العموم على أنه يجوز للرجل أن يتزوج الرجل من عند القاضي، وأصبح الشخص الآن يأتي له بشخص ويقول: اعقد لي عليه، ويخرج ومعه صك ويأخذه في يده، لماذا؟ لأنه لا يوجد خطأ ولا صواب، لا توجد شريعة تحكم، فما الذي يحكم؟ لأن الناس رضوا هذا الشيء؛ نظام قطيع مجلس العموم قال: هذا أمر طيب، فقالوا: حسناً! ما الذي يحكم الخطأ والصواب في عالم البشر وفي سلوك الناس؟ المشرع، وهو الله الذي يعلم مصلحة البشر ويعرف مضرة البشر، فيحل لهم الطيبات ويحرم عليهم الخبائث، وينهاهم عن الشرور ويأمرهم بالخيرات، لماذا؟ {أَلا يَعْلَمُ مَنْ خَلَقَ وَهُوَ اللَّطِيفُ الْخَبِيرُ} [الملك:١٤] يعلم مصلحتك، ينهاك الله عن النظر الحرام: أنت عينك تريد أن تنظر إلى الحرام لكن الله ينهاك عن النظر للحرام لعلم الله بالضرر المتحقق من نظرك إلى الحرام، ولهذا يقول الله عز وجل: {قُلْ لِلْمُؤْمِنِينَ يَغُضُّوا مِنْ أَبْصَارِهِمْ وَيَحْفَظُوا فُرُوجَهُمْ ذَلِكَ أَزْكَى لَهُمْ} [النور:٣٠] نعم.
أزكى؛ لأنك تشاهد، والذي يعيش بغير نظر والله إنه يعيش في أحسن راحة قلبية، لا ينظر شيئاً، وإذا شاهد شيئاً غض بصره ومشى، لكن يذهب إلى بيته ينظر زوجته أمامه، لكن ذاك الذي لا يغض بصره فإن قلبه يتقطع على كل ما يرى؛ لأنه يرى شيئاً لا يستطيع عليه ولا يصبر عنه، يقول:
وأنت إذا أطلقت طرفك رائداً لقلبك يوماً أتعبتك المناظر
رأيت الذي لا كله أنت قادر عليه ولا عن بعضه أنت صابر
فشيء لا تستطيع أن تصبر عنه لماذا تنظر إليه؟ لكن رب العالمين يقول لك: لا تنظر! فتذهب إلى بيتك مرتاحاً، لكن يوم أن تنظر وترى تذهب وقلبك يتقطع.
وكثير من الناس الآن يعيش في عذاب بسبب النظر، ولو أنه أطاع الله وغض بصره فإنه بهذا يحقق لنفسه راحة نفسية وإيماناً يجد حلاوته، يقول عليه الصلاة والسلام: (من غض بصره احتساباً لوجه الله أبدله الله إيماناً يجد حلاوته إلى يوم يلقاه) لأنك لا يمكن أن تغض بصرك إلا خوفاً من الله تعالى، لا يوجد أحد يستطيع أن يتحكم في نظرك ويعرف أين تنظر إلا ربك، وبإمكانك أن تنظر إلى امرأة وإذا قال لك شخص: لماذا تنظر؟ تقول: عيني في العمارة التي خلفها يا شيخ! لكن ربي يعرف أين تنظر عيناك، يقول الله تعالى: {يَعْلَمُ خَائِنَةَ الْأَعْيُنِ وَمَا تُخْفِي الصُّدُورُ} [غافر:١٩].
فالذين أجابوا على أن هذا الإنسان حيوان قالوا: لا دين ولا مكان للأخلاق، ولا مكان للخطأ والصواب، وهكذا كانت هذه النظرية اللعينة نظرية دارون: قنبلة في عقائد البشر! نسفت ما معهم من الدين والقيم والمبادئ، وحولت الإنسان من إنسانيته المكرمة إلى الحيوانية الهابطة، فعاش الناس حياة الحيوان التي لا يحسدون عليها في هذا الزمان، صحيح أنهم طوروا المادة، وفجروا الذرة، وسبحوا في الفضاء، وغاصوا في الماء لكن في الجانب المادي، أما جانب القيم والأخلاق والمبادئ فإنهم في الحضيض، لدرجة أن أحد العلماء يقول: زرت بعض البلدان الغربية فوجدت فيها كل شيء إلا الإنسان ما رأيته.
ما رأيت الإنسان بإنسانيته، بمفاهيمه! بمبادئه! بقيمه! بأخلاقياته! رأيت مسخاً يمشي على قدمين في يده كلب، ما أدري الكلب أوفى أو هو أوفى من كلبه؛ لأنهم يعيشون حياةً بهيمية لا قيمة فيها للحياة الإيمانية، ونحن لا نحسدهم عليها.