يقول البراء:(فجلسنا وكأن على رءوسنا الطير، وفي يده عودٌ ينكت به في الأرض -في يد الرسول صلى الله عليه وسلم عود- فجعل ينظر إلى السماء وينظر إلى الأرض، وجعل يرفع بصره ويخفضه ثلاثاً، كأنه رأى شيئاً، ثم قال: استعيذوا بالله من عذاب القبر) اللهم إنا نعوذ بك من عذاب القبر، ثم قال:(إن العبد المؤمن إذا كان في انقطاع من الدنيا -أي: انتهت أيامه وساعاته ودقائقه- وإقبالٍ إلى الآخرة -أي: أزفت الرحلة- نزل إليه من السماء ملائكة بيض الوجوه -هذا من هو؟ المؤمن- كأن وجوههم الشمس، معهم كفن من أكفان الجنة، وحنوط من حنوط الجنة، حتى يجلسوا منه مد البصر، ثم يأتي ملك حتى يجلس عند رأسه ويقول: يا أيتها النفس الطيبة المطمئنة كانت في الجسد الطيب اخرجي إلى مغفرة من الله ورضوان) اللهم إنا نسألك من فضلك، انظروا هذا النداء: يا أيتها النفس الطيبة؛ طيبة طابت بذكر الله، لا تكون طيباً إلا بالدين وبالإيمان، وبالصلاة وبالقرآن، وبالعمل الصالح، لكن بغير هذا هل تكون طيباً؟ لا.
والناس كلهم يحكمون الآن أي شخص ليس عنده دين يقولون: إنه خبيث.
تشكو لي امرأة وتقول لي: إن زوجها متدين فيه خير، ولكنها قالت: جاءتها الشغالة وقالت لها: زوجها ليس طيباً، تقول: أنا أعرف زوجي من ظاهره ومن صلاته لكنها تعطيني معلومات عكس ذلك، قلت: لماذا؟ قالت: هو يمسكها، كأنه مر من عندها وأمسكها، فأتت بالزوج، وقالت: كيف أنت متدين وظاهرك جيد وتصلي وهذه تقول فأراد أن ينكر فقالت: ما الذي يجعلها تقول: إنك لست طيباً، هذه شغالة، ليس لها مصلحة تريد راتبها فقط، فهل من المعقول أنها تأتي لتقول: إنك لست طيباً؟ فأسألك بالله لا تكذب، تقول له زوجته: لا تكذب ولا تغالطني ولو كذبت عليَّ لن تكذب على الله، أخشى أنك تحلف فتحيط بك، لكن تب إلى الله، قال: صَدَقَتْ أنا لست طيباً وأتوب إلى الله وأستغفره، تقول: وتاب، وتاب الله عليه إن شاء الله، هذا أدنى مستوى من المعاملة، أن الشغالة تقول لك: أنت خبيث، لماذا؟ لأنك لست طيباً، مددت يدك إلى الحرام، وما عندك خوف من الله، جاء في الحديث:(من مد يده إلى امرأة لا تحل جاء يوم القيامة ويده مغلولة إلى عنقه) ستسأل عن هذه اليد لماذا مددتها إلى الحرام؟ -لا إله إلا الله- فهنا تقول الملائكة ويقول ملك الموت يخاطب الروح:(يا أيتها الروح الطيبة) أتريد -يا أخي- أن يقال لك هذا الكلام؟ أم تريد أن يقال لك: يا أيتها الروح الخبيثة؟ لا أحد يريد، من الآن اضبط نفسك وكن طيباً، أما أن تصير خبيثاً وتريد أن يقولوا لك: يا أيتها الروح الطيبة، فلا، الخبيث خبيث، فالناس يقولون له: خبيث، وزوجته تقول له: خبيث، وهو نفسه يعرف أنه خبيث، وحين الموت يقول له ملك الموت: خبيث أين يدخل هذا؟ في دار الخبث والخبائث في النار، والطيب طيب، والله طيب، والجنة طيبة للطيبين -اسأل الله أن يجعلني وإياكم من الطيبين- والملائكة تقول لأهل الإيمان:{سَلامٌ عَلَيْكُمْ طِبْتُمْ}[الزمر:٧٣] أنتم طيبين: {فَادْخُلُوهَا}[الزمر:٧٣] الله أكبر!