كثير من الشباب يرغب أن يمارس دوره في الدعوة إلى الله بالخطابة والتحدث، ولكن يمنعه الحياء أحياناً كثيرة، فكيف يتغلب على هذه الحالة؟
الجواب
حقيقةً إن ممارسة الدعوة عن طريق الخطابة عمل له سلبيات وإيجابيات، فمن سلبيات هذا العمل: أنه يدعو النفس إلى الرياء؛ لأنه يحصل للإنسان إذا وقف يتكلم أمام الناس من الثناء والإعجاب والتقدير ما يغلب على طبعه كبشر، فيحول نيته من الله إلى الناس، وبهذا يفسد عمله، فلا يجعل الله عز وجل لكلامه قبولاً في قلوب الناس؛ لأن هذا الدين من خصائصه أنه إذا أريد به وجه الله انتُفع به، وإذا أريد به وجو الناس زل الكلام من آذانهم كما يزل الماء من على الصفا، فما ينتفع الناس بكلامه مهما كان بليغاً، وهذه من سلبيات الخطابة.
أما إيجابياتها فكثيرة جداً، أولاً: أنها تدفع الشاب الملتزم إلى البحث ليقدم الجديد للناس.
ثانياً: أنها تدفعه إلى الالتزام بما يقول للناس، إذ من العار والعيب عليه أن يقف ويقول: صلوا، وهو لا يصلي، أو لا تغنوا وهو يغني، أو يحذرهم من النظر إلى المحرم وهو ينظر إلى المحرم؛ لأنه يضع نفسه بالدعوة في موضع القدوة، والشيطان حريص على ألا تضع نفسك في موضع القدوة، فالشيطان يريد باستمرار أن تبقى مجهولاً أو مخفياً بحيث يستطيع أن يمارس عليك ضغطه ويستطيع أن يهزمك بممارسة المعصية، لكن يوم أن تشعر أنت بأنك قدوة في المجتمع، وأن لك مكانة معينة، وإذا أردت أن تسقط جاءك الشعور الإيماني كيف تسقط وأنت تقول كذا، فيدفعك هذا إلى الاستقامة باستمرار.
وعامل الحياء الذي يرد على الشاب حينما يريد أن يقف في مثل هذه المواقف هو حياء شيطاني ليس من الله، وإنما هو من الشيطان بواسطة التخذيل والتخويف لئلا تقف في هذا الموقف؛ لأنك حينما تقف تنصِّب نفسك لمعادة الشيطان، وهو لا يريد أحداً أن يعاديه، فربما إذا وقفت يُشعرك بالحياء والخجل والغلط أول مرة، وربما يسلط عليك بعض أصحابك فيضحكون عليك، ويقولون: أنت أخطأت، وأنت قلت، ولكن إذا علم الله منك صدق النية واليقين وسلامة القصد بأنك لم تقف إلا لوجهه، ولا تريد من هذا الوقوف إلا إبلاغ دين الله، فإن الشيطان لا يمكن أن يقف في طريقك، وعليك أن تستمر وتبدأ الطريق، ولا يهمك بعد ذلك أية معوقات، ولعل الله أن يهدي على يديك ولو رجلاً واحداً من هذه الأمة.