كل شيء فيك أنت أيها الإنسان خلق لحكمة، فموقع يديك لحكمة، ومن حكمة الله عز وجل أن جعل يديك في أعلى جسمك، لماذا؟ لتنفعك في حاجة جسمك، لكن ما ظنكم لو أن اليدين وضعت مكان الرجلين، وأردت أن أحك رأسي ماذا أفعل؟ فلابد أن أحني رأسي إلى عند يدي وأحك، لكن الله جعل اليدين في أعلى الجسم فبإمكاني أن أحك رأسي وبإمكاني أن أحك رجلي وأنا جالس.
وبعد ذلك فصَّل الله يديك مفاصل، أول المفاصل في الإصبع الصغيرة، ومفاصل بعدها، لماذا؟ لتكون سهلة الحركة، لأنه كلما كانت المفاصل أكثر كلما كانت القدرة على الاستفادة من العضو أكثر، لكن ما ظنكم لو أن الله خلق لك يداً كالعصا، كيف تحك رأسك؟ كيف تفعل؟ كيف تربط؟ كيف تحمل؟ كيف تشد المسامير ويدك هكذا؟ ولو أن يدك مستقيمة لتعطلت كل الحضارات التي نعيش فيها الآن، ووالله ما طارت طائرة وما تحركت (مكينة) ولا عرف أحد يشد مسماراً على شيء؛ لأنه كيف أشد ويده هكذا؟ (الصميل) في المضاربة ينفع، لكن هل الله خلقني لأضارب فقط؟ لا، الله ما خلقني للمضاربة، بل للعبادة، ولهذا فصل الله جسدي للعبادة تفصيلاً، بمعنى: أنه من أسفل إصبع في الرجل إلى أعلى رأسك كلك مفصل على قدر، ولهذا في الإنسان (٣٦٠) مفصلاً مربوطة بـ (٣٦٠) عضلة مربوطة مع (٣٦٠) عظماً، مع أوردة، وجسم، وعضلات {فَتَبَارَكَ اللَّهُ أَحْسَنُ الْخَالِقِينَ}[المؤمنون:١٤].
تأتي إلى أسفل وترى الجهاز الهضمي والتنفسي والدموي والعصبي والعظمي، أجهزة عجيبة خلقها الله كلها لحكمة لا تطغى عليها.
أيها الإخوة! أليست العين -كما قلنا- والأذن واليد والرجل وجدت لحكم؟ والقلم والورقة والحذاء في رجلك لحكم؟ ما رأيكم لو رأينا من يلبس الأحذية في يده؟! ذهب وأخذ له أحذية إيطالي بمائة ريال ووضع واحدة هنا وواحدة هنا، وإذا به ماش في الشارع، فإن الناس يمسكون به، ما بك؟ قال: ما بي؟ أنتم تضعونه في أرجلكم وأنا أضعه في يدي فماذا يحكم الناس عليه بالعقل أم بالجنون؟ والله يكتفونه فوراً، ويذهبون به إلى المستشفى العام، لماذا؟ لأن الأحذية لا تستعمل إلا في الأقدام، أما اليد لماذا لا نضع عليها أحذية؟! لأننا نضع فيها كفوفاً من أجل أن تقينا البرد، فحكمة الحذاء السير بها، إذا وضعنا الحذاء في غير مكانه فهذا خطأ.