ومن الأمانات التي بينك وبين الناس: أمانة طاعة ولي الأمر: من ولاه الله أمرك، الولاية هذه من الله، فإذا ولى الله عز وجل عليك في أمر من الأمور عبداً لزمك أن تكون أميناً على ما ولاك الله عز وجل عليه؛ لأن الخيانة لولي الأمر خيانة لله ورسوله، بأن تؤدي ما طلب منك.
أولاً: الطاعة إلا في معصية.
ثانياً: الدعاء: وقد قال الإمام أبو الحسن بن علي البربهاري وهو من أئمة السنة، مات سنة (٣٢٩هـ) في أول القرن الرابع، يقول: إذا رأيت الرجل يدعو للسلطان فاعلم أنه صاحب سنة، وإذا رأيته يدعو على السلطان فاعلم أنه صاحب هوى.
لأن الذين يدعون على السلاطين هم الخوارج والمعتزلة، يرون أن من دينهم الدعوة على السلطان والخروج عليه، لكن هذا ليس من معتقد أهل السنة والجماعة؛ معتقد أهل السنة والجماعة أنهم يدعون للسلطان بالهداية والصلاح، ويطيعونه في غير معصية الله، ولا يرون الخروج عليه؛ لما يترتب على ذلك من الفتن.
فمن الأمانة أن تقوم بهذا ليس لعاطفة حب أو كره، ولا لمصلحة نفعية أو مادية، ولكن دين تدين الله به وعقيدة، ولهذا مسألة طاعة أولياء الأمور من مسائل العقيدة التي تقررها كتب العلم، والتي يهتم بها علماء أهل السنة فهم يقررون هذا في كتبهم ويؤكدون عليه، خصوصاً عند بروز الفتن وظهور القلاقل لما يجر الجهل به إلى الفساد الكبير الذي لا منتهى له، كما يقول شيخ الإسلام ابن تيمية وتلميذه ابن القيم يقول: ومن تأمل تاريخ المسلمين وجد أن كل مصيبة حلَّت بالأمة إنما تنتج عن الجهل بهذا الأصل وهو: طاعة ولاة الأمر في المعروف أما في المعصية فلا: (لا طاعة لمخلوق في معصية الخالق)، وهذا من الأمانة التي ائتمنك الله عز وجل عليها.