أما المجال العلاجي فهو عظيم، ومظهر من مظاهر الإعجاز النبوي الكريم صلوات الله وسلامه على رسوله، فلقد وضع الإسلام قاعدة صلبة ينطلق منها البحث العلمي والجهد المتواصل الدائم من أجل الوصول إلى أسباب الداء والعثور على الدواء، فقد أمر الإسلام بالتداوي؛ لأن التداوي لا ينافي التوكل؛ بل هو عين التوكل، فإذا مرضت وقلت: أنا لن أتداوى توكلاً على الله، نقول: هذا ليس توكلاً بل هو تواكل، عليك أن تتداوى وتداويك هو التوكل، فالذي جاء بالناقة إلى النبي صلى الله عليه وسلم قال:(يا رسول الله! أطلقها وأتوكل، قال: لا، اعقلها وتوكل) فتداو وتوكل، أما ألا تتداوى وتتوكل فهذا تواكل، وقد أمر الرسول صلى الله عليه وسلم بالتداوي، فقد روى الإمام أحمد حديثاً صحيحاً قال:(تداووا عباد الله! فإن الله لم يضع داءً إلا وضع له شفاءً، إلا داءً واحداً هو الهرم) وصدق رسول الله صلى الله عليه وسلم، فهل للهرم دواء؟ لا.
فلو كان هناك دواء لمرض الهرم لاكتشفوه، لكن ليس له دواء، يبلغ الهرم سن الثمانين أو التسعين وعنده أموال وأولاد ومنصب وملك، لكن يترهل جسمه، وتتساقط أسنانه، وتضعف حواسه، وتصبح عينه لا ترى، وأذنه لا تسمع، وعضلاته وعظامه لم تعد تقوى على شيء، ثم يموت، ما رأيكم لو أن هناك دواء للهرم يرد الواحد شاباً هل سيبقى خافياً؟ لا.
لكن لا دواء للهرم بنص حديث رسول الله صلى الله عليه وسلم.
فما أنزل الله من داء إلا وله دواء إلا داءً واحداً هو داء الهرم، ثم إن إقرار الرسول صلى الله عليه وسلم بأن لكل داء دواء يفتح باب الأمل أمام المرضى أن هناك أملاً في الشفاء، وأمام الأطباء أن هناك أملاً في أن نجد الدواء، يقول الرسول صلى الله عليه وسلم:(ما أنزل الله من داءٍ إلا وأنزل له دواء، علمه من علمه، وجهله من جهله)، وهذا يفتح باب الأمل عند المريض فمهما مرض يقول: عندي أمل أن الله يكتب لي دواء ويكتشف، وعند الأطباء أنه إذا ما بحث الأطباء والخبراء فعندهم أمل أنهم لا بد أن يأتوا بهذا الدواء، لكن إلى الآن ما عرفوه، وسوف يعرفونه بإذن الله، إلا داء واحداً هو الهرم.