الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على أشرف الأنبياء وسيد المرسلين، وعلى آله وصحبه أجمعين.
وبعد: أولاً: أقدم شكري وعظيم امتناني إلى أخي الدكتور/ يحيى؛ عميد الكلية، وإلى الإخوة القائمين على نشاط التوجيه والتربية الإسلامية في هذه الكلية وعلى توجيه الدعوة لترتيب هذا اللقاء الذي أشعر -وأنتم كذلك تشعرون- بأهمية الحاجة إليه؛ لأن القلوب تحتاج إلى سماع العلم الشرعي والتوجيه الإسلامي أعظم من حاجة الأرض إلى نزول الغيث, فكما أن الأرض إذا انقطع عنها المطر أقفرت وأقحلت وانعدم خيرها وكثر شرها، كذلك القلوب إذا انقطع عنها الوحي الرباني والهدي السماوي فإنها تقسو وتتحجر ويكثر شرها وينعدم خيرها, وما ترونه اليوم من ممارسات غير صحيحة من قسوة في القلوب، وتحجر في العيون، وجرأة على المعاصي، وكسل في الطاعة، واستخفاف بالأوامر الربانية كل ذلك نتيجة لعدم الاستماع إلى الهدى الذي جعله الله عز وجل شفاء لما في الصدور:{يَا أَيُّهَا النَّاسُ قَدْ جَاءَتْكُمْ مَوْعِظَةٌ مِنْ رَبِّكُمْ وَشِفَاءٌ لِمَا فِي الصُّدُورِ وَهُدىً وَرَحْمَةٌ لِلْمُؤْمِنِينَ * قُلْ بِفَضْلِ اللَّهِ وَبِرَحْمَتِهِ فَبِذَلِكَ فَلْيَفْرَحُوا هُوَ خَيْرٌ مِمَّا يَجْمَعُونَ}[يونس:٥٧ - ٥٨].
ولا أشعر -أيها الإخوة- بغربة في مثل هذه المجالس، خصوصاً في أماكن التربية والتعليم؛ فلقد قطعت فيها عمراً طويلاً؛ أكثر من نصف عمري, بل أشعر بالأُنس والراحة والبيئة الصحيحة التي عرفتها طوال حياتي.
الحديث عن السعادة حديث مشوق؛ لأنها مطلب كل إنسان وبغية كل كائن، والناس يختلفون بفئاتهم ومشاربهم وأشكالهم وعقائدهم وتصرفاتهم وأفكارهم يختلفون في أشياء كثيرة، لكنهم يتفقون في شيء واحد وهو البحث عن السعادة: المؤمن والكافر، والبر والفاجر، والعربي والعجمي، والأسود والأبيض، والمثقف والأمي، والكبير والصغير كل واحد يبحث عن السعادة, ولا أظن على وجه الأرض أحداً يود أن يكون شقياً, وما ترونه اليوم من تطاحن وصراعات في العالم كله من أجل البحث عن السعادة, ولكن المشكلة -أيها الإخوة- أن معظم البشر وأكثر الناس ضلوا الطريق وتاهوا عن القصد، وما عرفوا الطريق الموصل إلى السعادة.