لما وجهت هذه التوجيهات الربانية إلى النبي صلى الله عليه وسلم أدرك عظمتها، ونهض من فراشه، وأخذ يدعو إلى دين ربه ثلاث سنوات متتاليات سراً، وكان قد أخفى رسول الله صلى الله عليه وسلم أمره واستتر به إلى أن أمره الله بإظهاره بعد ثلاث سنين، كما يذكر ابن إسحاق في السير، ومما يدل على السرية في الدعوة ما جاء في خبر إسلام عمرو بن عبسة رضي الله عنه، حيث قال:(أتيت رسول الله صلى الله عليه وسلم في أول ما بعث وهو في مكة وهو حينئذ مستخفٍ) أي: مستخف بالدعوة، وهذا الحديث في صحيح مسلم، وكان تحركه في بداية دعوته في الوسط الذي يربطه؛ في أسرته، مثل زوجته وأبنائه، ومواليه، وأصدقائه المباشرين الذين كان يطمئن إليهم، ويثق فيهم.