هذه الصلاة هي التي تعبد الله بها كل الأديان والأمم، وشرعت في كل الأديان، والذي يستقرئ القرآن يجد أنه ما من قوم بعث الله عز وجل فيه رسولاً وأنزل فيه كتاباً إلا وأمرهم بالصلاة كما أمرهم بالتوحيد وإن اختلفت الصلاة بكيفيتها وتشريعها عن بقية الأديان إلا إنها متفقة أنها صلاة.
فإبراهيم عليه السلام لما أتى بإسماعيل وأمه إلى مكة قال:{رَبَّنَا إِنِّي أَسْكَنْتُ مِنْ ذُرِّيَّتِي بِوَادٍ غَيْرِ ذِي زَرْعٍ عِنْدَ بَيْتِكَ الْمُحَرَّمِ رَبَّنَا لِيُقِيمُوا الصَّلاةَ}[إبراهيم:٣٧] وكان يدعو ويقول: {رَبِّ اجْعَلْنِي مُقِيمَ الصَّلاةِ وَمِنْ ذُرِّيَّتِي رَبَّنَا وَتَقَبَّلْ دُعَاءِ}[إبراهيم:٤٠].
وموسى عليه السلام لما كان في الليلة التي كان فيها مسافراً وعائداً من أرض مدين إلى أرض مصر، وكان في الطور ومعه زوجته وكانت حاملاً، وفي ساعات المخاض أي: النفاس وكانت ليلةً باردةً مطيرةً مظلمة، أي: في حالة لا يعلمها إلا الله: {آنَسَ مِنْ جَانِبِ الطُّورِ نَاراً}[القصص:٢٩] أي: من جنب الجبل وجد ناراً: {فَقَالَ لِأَهْلِهِ امْكُثُوا إِنِّي آنَسْتُ نَاراً لَعَلِّي آتِيكُمْ مِنْهَا بِقَبَسٍ أَوْ أَجِدُ عَلَى النَّارِ هُدىً}[طه:١٠] يريد أن يدفئ أهله: {لَعَلَّكُمْ تَصْطَلُونَ}[النمل:٧]{فَلَمَّا أَتَاهَا نُودِيَ يَا مُوسَى * إِنِّي أَنَا رَبُّكَ فَاخْلَعْ نَعْلَيْكَ إِنَّكَ بِالْوَادِ الْمُقَدَّسِ طُوىً * وَأَنَا اخْتَرْتُكَ فَاسْتَمِعْ لِمَا يُوحَى * إِنَّنِي أَنَا اللَّهُ لا إِلَهَ إِلاَّ أَنَا فَاعْبُدْنِي وَأَقِمْ الصَّلاةَ لِذِكْرِي}[طه:١١ - ١٤].
أول شيء: اعبدني وأقم الصلاة، ذكر الصلاة مع العبادة مع الأمر بالتوحيد:{فَاعْبُدْنِي وَأَقِمِ الصَّلاةَ لِذِكْرِي * إِنَّ السَّاعَةَ آتِيَةٌ أَكَادُ أُخْفِيهَا لِتُجْزَى كُلُّ نَفْسٍ بِمَا تَسْعَى}[طه:١٤ - ١٥] وفي سورة يونس يقول الله عز وجل: {وَأَوْحَيْنَا إِلَى مُوسَى وَأَخِيهِ أَنْ تَبَوَّءا لِقَوْمِكُمَا بِمِصْرَ بُيُوتاً وَاجْعَلُوا بُيُوتَكُمْ قِبْلَةً وَأَقِيمُوا الصَّلاةَ}[يونس:٨٧] أوحى الله إليهم إذا بنوا بيوتهم في مصر أن يجعلوا بيوتهم إلى القبلة، أي: إلى بيت المقدس، وماذا؟! وأقيموا الصلاة، اجعل بيتك إلى القبلة وأقم الصلاة.