أنت عبد، والعبد من شأنه أن يكون عبداً وعابداً لله عز وجل، وهذه العبودية يجب أن تنصبَّ كلها في مسار التوحيد لله وحده، فكما وحَّدت الله بفعله، ولم تزعم بأن مع الله خالقاً، فلا بد أن توحِّد الله بفعلك، فلا تصرف لغير الله شيئاً من عبادتك، وهو: توحيد الألوهية؛ أن توحِّد الله بفعلك: فلا تعبد إلا الله.
ولا تدعُ إلا الله.
ولا تذبح إلا لله.
ولا تنذر إلا لله.
ولا تستغث إلا بالله.
ولا تستعن إلا بالله.
ولا تتوكل إلا على الله.
ولا ترجُ إلا الله.
ولا تخَف إلا من الله.
ما رأيك إذا استقرَّت هذه القضايا في قلب الإنسان كيف سيكون توحيده؟! لا نعني بالاستقرار هنا الاستقرار الذهني، لا، بل الاستقرار اليقيني.
إذا عرفتَ أن الحياة بيد الله، ماذا بقي عندك من خوف؟! إذا عرفتَ أن الرزق بيد الله، ماذا بقي عندك من الخوف من الفقر؟! من يبيع الدخان في دكانه إذا قيل له: لا تبع الدخان، هذا حرام، لا يجوز لك.
قال: الدخان يجلب الزبون، إذا لم يوجد دخان يأتي الزبون يقول: هل يوجد دخان؟ فأقول: لا، فيذهب، ولا يشتري مني، لكن عندما يكون الدخان موجوداً فإنه يشتري مع الدخان جريدة وسكراً وأرزاً، يا هذا ليس الدخان هو الرزاق؛ لكن هذه عقيدته، مسكين! لم يوحد الله، لم يعرف توحيد الألوهية إلى الآن، هل الرزاق هو الدخان أم الرحمن؟! {إِنَّ اللَّهَ هُوَ الرَّزَّاقُ}[الذاريات:٥٨] هو الذي يجلب المشتري، ويجعله يقف على دكانك، ويشتري منك غير الدخان.
أنت أيها الزبون عندما تشتري من السوق، لماذا تقف عند هذا وتصرف نفسك عن هذا؟ هل هذا أعطاك شيئاً أو دعاك، أو ذاك طردك؟! لا؛ لكن الرزاق جعل في مالك رزقاً لهذا فساقك إليه، ولم يجعل في مالك رزقاً لهذا فصرفك عنه فلماذا تعتقد أيها البائع في سيجارة أنها ترزق؟! لا إله إلا الله!! هذا خلل، ينبغي أن تراجع فيه نفسك وحساباتك، فتكون عابداً بكل تصوراتك وأحوالك.