للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

[المرأة ومنزلتها عند غير المسلمين]

لقد كانت المرأة عند الإغريق محتقرةً ومهانةً حتى إنهم كانوا يسمونها رجساً، وكانت عندهم تباع وتشترى، مسلوبة الحقوق، محرومة الميراث.

أما عند الرومان فكان شعارهم أن المرأة ليس لها روح، ولهذا اختلفوا هل هي من الإنس أم من الجن؟! ولذا كانت تعذب بسكب الزيت المغلي عليها، وكانوا يربطونها ويجرونها خلف حميرهم وبغالهم ويسحبونها حتى تموت.

وقبل الإسلام -أي: عند العرب- لم يكن للمرأة قيمة عند الجاهليين، فلم تكن ترث، ولكن تُوْرَث، توضع مع المتاع (مع الثلاجة والغسالة)، وكأنها قطعة أثاث في البيت، لم تكن ترث شيئاً في الجاهلية بل تُورث ولا ترث.

وكان العرب يخصون الرجال بطعام غير طعام النساء، قال الله تعالى: {وَقَالُوا مَا فِي بُطُونِ هَذِهِ الأَنْعَامِ خَالِصَةٌ لِذُكُورِنَا وَمُحَرَّمٌ عَلَى أَزْوَاجِنَا} [الأنعام:١٣٩] يأكل الرجل ولا تأكل المرأة، بل كانوا يدفنونها وهي حية، هل هناك أعظم من هذا الظلم؟! {وَإِذَا بُشِّرَ أَحَدُهُمْ بِالْأُنْثَى ظَلَّ وَجْهُهُ مُسْوَدّاً وَهُوَ كَظِيمٌ * يَتَوَارَى مِنْ الْقَوْمِ مِنْ سُوءِ مَا بُشِّرَ بِهِ أَيُمْسِكُهُ عَلَى هُونٍ أَمْ يَدُسُّهُ فِي التُّرَابِ أَلا سَاءَ مَا يَحْكُمُونَ} [النحل:٥٨ - ٥٩] وهذه نزعة لا تزال فينا إلى اليوم، نزعة البشرى بالولد أو البنت، إذا بشروه قالوا: جاء لك ولد.

قال: الحمد لله.

وفرح، وإذا جاءت له بنت سكت، ويقولون: جاءت له راعية غنم! فيحزن ويقول: لو يرزقني الله برجل! من الذي يخلق الرجل ومن الذي يخلق البنت؟ من الذي يهبهم؟ {يَهَبُ لِمَنْ يَشَاءُ إِنَاثاً وَيَهَبُ لِمَنْ يَشَاءُ الذُّكُورَ * أَوْ يُزَوِّجُهُمْ ذُكْرَاناً وَإِنَاثاً وَيَجْعَلُ مَنْ يَشَاءُ عَقِيماً} [الشورى:٤٩ - ٥٠] لا تدري ما الخير فيه يا أخي! لعل الخير في هذه البنت، ولعل البركة والدين في هذه البنت، كم من بنت أدخلت على أهلها النور والإيمان والدين! وكم من ولد أدخل على أهله الشر والظلم والفساد ودمر حياة أهله كلها وهو ولد! لا تفرح إلا بما آتاك الله، فإن جاء ولد فاسأل الله أن يكون صالحاً، وإن جاءت بنت فافرح ولا تحزن، ولا تفعل كفعل الجاهليين: {يَتَوَارَى مِنَ الْقَوْمِ مِنْ سُوءِ مَا بُشِّرَ بِهِ أَيُمْسِكُهُ عَلَى هُونٍ أَمْ يَدُسُّهُ فِي التُّرَابِ} [النحل:٥٩].