قد أظلنا -أيها الإخوة- شهر الرحمة والغفران، جاءنا شهر رمضان، اللهم بارك لنا في رجب وشعبان وبلغنا رمضان، بعد يوم أو يومين يدخل علينا رمضان، شهر أوله رحمة وأوسطه مغفرة وآخره عتق من النار، شهر تفتح فيه أبواب الجنان فلا يغلق منها باب والحديث في الصحيحين، وتغلق فيه أبواب النيران فلا يفتح منها باب، وتغل فيه مردة الشياطين، وينادي منادٍ: يا باغي الخير أقبل، ويا باغي الشر أقصر.
يغفر الله فيه للأولين والآخرين من أهل هذه القبلة، التائبين المنيبين المذنبين الراجعين إلى الله عز وجل، شهر عظيم يقول فيه النبي عليه الصلاة والسلام:(من صام رمضان إيماناً واحتساباً غفر له ما تقدم من ذنبه) هذا في البخاري ومسلم.
وفي الصحيحين أيضاً:(من قام رمضان -يعني: التراويح والقيام- إيماناً -يعني: تصديقاً- واحتساباً -طلباً للمثوبة عند الله عز وجل- غفر الله له ما تقدم من ذنبه) تخرج من آخر رمضان مغسولاً كيوم ولدتك أمك ما بقي عليك ذنب واحد.
في الحديث الصحيح يقول عليه الصلاة والسلام:(رغم أنف من أدرك رمضان ولم يغفر له) إذا لم يغفر لك في رمضان متى إذن يغفر لك؟!! الحسنة بعشر أمثالها إلى مائة إلى ألف حسنة، متى إذن يغفر لك؟ تغل فيه الشياطين ولا يوجد فيه شيطان، لا يوجد إلا شياطين الإنس، ولهذا الذي لا يهتدي في رمضان ليس معه قرين من الجن يضله هو نفسه شيطان؛ لأنه إضلال في غير رمضان عن طريق الوسواس، ولكن في رمضان الوسواس حقك مربوط هناك، ولكنك شيطان البعيد حتى في رمضان، ولذا ترون المؤمنين الذين حبست شياطينهم طيبين، فإذا جاء ليلة العيد فك الله الشياطين فجاء اليوم الثاني فلم يصل في المسجد، ركبه إبليس ورده ينام مع زوجته، فلا يصلي في المسجد، لماذا؟ ركب عليه كما كان يركبه في شعبان، لكن لما انحبس في رمضان جاء يصلي وجاء يقرأ القرآن، بدأ يذكر الله، وبدأ عنده خير، هذا خير لعل الله أن ينفعه به ويتوب عليه إذا واظب والتزم وواصل واستمر في عبادة الله عز وجل بعد رمضان كما كان في رمضان.