[أهمية العلم ومكانته في مواجهة أهل البدع والخرافات]
السؤال
هذا سائل من إحدى البلاد الإسلامية طلب مني أن أكتب له هذين السؤالين، يقول: إنه في ذلك البلد من قبيلة مسلمة ولله الحمد؛ ولكنهم يعملون أعمالاً تتنافى مع العقيدة، مثل: التوسل بأهل القبور، وطلب الأشياء منها، وعدم الصلاة، والذهاب إلى الكهنة والمشعوذين، وما إلى ذلك من الأعمال التي تتنافى مع كمال التوحيد، وأنهم يضغطون عليه، ويسخرون منه؛ لأنه متمسك بدينه، وهو يحاول نصحهم وإرشادهم إلى آخر سؤاله.
ثم يقول: نرجو من سماحتكم نصحه وإرشاده كيف يتعامل معهم، وكذلك نرجو أن تقدموا نصيحة لهؤلاء القوم لأنه يريد أن يعرض هذا الشريط عليهم إن شاء الله؟!
الجواب
أولاً -أيها الإخوة- إن من فضل الله عز وجل على كثير من إخواننا المسلمين، أن جاءوا إلى هذه البلاد، جاء بعضهم للحج أو للعمرة أو للعمل والتكسب؛ لكن المفروض عليهم والمطلوب منهم أن يتزودوا بالعلم الشرعي المتاح في هذا البلد، وخصوصاً العقيدة الخالصة من شوائب الشرك، والبدع، والخرافة، وقد مَنَّ الله تبارك وتعالى على هذه البلاد بالعلماء الربانيين الذين يبيِّنون للأمة أصول دينها، وصحيح عقيدتها، المأخوذة من كتاب الله ومن سنة رسول الله صلى الله عليه وسلم.
لا يوجد عالم من العلماء الربانيين يأتيك ويقول لك: هذه عقيدة إلا ويعطيك دليلاً من كتاب أو سنة.
لا يوجد من يقول: قال شيخي، وقال الولي، وقال العارف، لا: بل قال الله، قال رسوله.
فإذا رزقك الله الإقامة هنا فينبغي لك أن تركز على علم العقيدة، ثم إذا ذهبتَ إلى بلدك، فلتحمل معك مع الهدايا، ومع الريالات، تحمل معك هذا العلم، وشيئاً من الكتب الشرعية والأشرطة من أجل أن تبدأ الدعوة هناك، وتبدأ التعليم، ولا شك أنك قبل أن تبدأ بالتعليم يجب أن تكون أيضاً على علم؛ لأنك إذا وقفت هناك وجادلت من عنده علم، وليس عندك علم فلا شك أنك ستكون مفلساً؛ لكن إذا تضلَّعت بالعلوم والأدلة من كتاب الله، ومن سنة النبي صلى الله عليه وسلم وواجهتهم، فإنك ستواجههم بقوة وبحزم، ولن يستطيعوا مقاومتك؛ لأنهم يفتقرون إلى الدليل، وأنت عندك النور: الكتاب، والسنة.
ثم لا تتصور أن القضية سهلة؛ لأنهم عاشوا على هذا الفكر أو على هذا الأمر منذ سنين، فسيكون تغييرهم صعباً، فلا بد من الصبر، وابدأ بطلبة العلم، وبمن عنده رغبة في الخير والحق، ولا تأتِ إلى المتصلِّب، والمتعصب، ولا إلى الذي قد امتلأ رأسه من هذا الضلال، دعه واشتغل بغيره من الناشئة، كما صنع النبي صلى الله عليه وسلم، فإنه لما جاء إلى مشركي مكة كان تركيزه على الشباب، أما صناديد قريش لم يكن فيهم مصلحة، يعني: تضييع للوقت معهم، فكان يهتم بالشباب، ويهتم بالضعاف، ويهتم بالموالي، فهؤلاء اهتدوا، وأجرى الله عز وجل التغيير في الأرض على أيديهم.
فأنت إذا جئت فلا تبدأ بالعلماء الكبار؛ لأنك إذا أتيت بدعوة التوحيد إلى هؤلاء فكأنك تنافسهم أو تزيلهم من مواقعهم، فيتصدون لك؛ لكن دعهم على ضلالهم، وابدأ بمن تستطيع أن تصل إليه.
حتى تتمكن وتنتشر الدعوة ثم ادع الكبار.
أما النصيحة إلى هؤلاء فنقول لهم: اتقوا الله تبارك وتعالى، واعلموا أنه لن يمنعكم من الله أحدٌ، ولن يقبل الله عزَّ وجلَّ منكم عبادة، إلا إذا توفر فيها شرطا العبادة الصحيحة: الشرط الأول: أن تكون خالصة لوجه الله.
الشرط الثاني: أن تكون صواباً على هدي رسول الله صلى الله عليه وسلم، فأي عبادة، أو عمل يتقرب به العبد إلى الله إذا لم يكن فيه إخلاص ومتابعة، فهو مردودٌ وباطل، وما نلمسه أو نسمعه من شتى بقاع الأرض من عبادات وأذكار، وطواف بالقبور، وذبح ونذور للأضرحة، كل هذا ليس عليه أمر الله، ولا أمر رسوله صلى الله عليه وسلم، فهو لا يخلو من الشرك أو البدع والخرافة والعياذ بالله.