هذا الصحابي الجليل، ضمه القبر، يقول: لا ينجو من ضمة القبر أحد، صالحاً كان أو طالحاً، فلقد جاء الحديث: أن القبر ضم سعد بن معاذ رضي الله عنه، وهو الذي اهتز لموته واهتز عرش الرحمن، وفتحت له أبواب السماء، وشهده سبعون ألفاً من الملائكة، لما دخل عليه الصلاة والسلام المسجد يريد أن يصلي عليه أخذ حذاءه وجعلها في يده وجعل يتوكأ في الأرض، كأنه يتوقى مع أنه، لا يوجد أحد أمامه، قالوا: ما بك يا رسول الله! قال: إني أرفع رجلي عن أجنحة الملائكة، الآن سبعون ألف ملك نزلوا من السماء يشيعون جنازته، عظيم هذا الرجل، وبالرغم من هذا ضمه القبر، رضي الله عنه وأرضاه.
روى النسائي في سننه بسند صحيح عن ابن عمر رضي الله عنهما قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (هذا الذي تحرك له عرش الرحمن، وفتحت له أبواب السماء، وشهده سبعون ألفاً من الملائكة، لقد ضم ضمة ثم فرج عنه).
وفي مسند الإمام أحمد عن ابن عمر أن النبي صلى الله عليه وسلم قال:(إن للقبر ضغطة لو كان أحد ناجياً منها لنجا منها سعد).
وعند الطبراني في الكبير والأوسط عن ابن عباس رضي الله عنهما، أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال:(لو نجا أحد من القبر لنجا سعد بن معاذ، ولقد ضمه ضمة ثم فرج عنه) هذا الحديث رواه أيضاً السيوطي في جامعه وقال: إسناده صحيح.
ومما يدل على أن ضمة القبر لازمة لكل إنسان، حتى الصبيان الصغار لا ينجون منها، ما رواه الطبراني عن أبي أيوب الأنصاري بإسناد صحيح، أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال:(لو أفلت من ضمة القبر أحد لنجا منها هذا الصبي) صبي دُفن في عهد النبي صلى الله عليه وسلم.
وقد قلت لكم: إن هذا الأمر لا يعتبر من عذاب القبر، وإنما هو شيء من الآلام التي تحدث للإنسان بحكم طبيعته، وبحكم تكوينه البشري.
وقد أهدي إلى النبي صلى الله عليه وسلم جبة -والحديث في البخاري ومسلم، والجبة هذه من سندس- أعجب بها الناس، يعني: شيء ما تعوده أبداً، فقال:(تعجبون من هذا، والذي نفسي بيده لمناديل سعد في الجنة أعظم منها) يعني: ومناديله وكسوته في الجنة أعظم من هذا الذي تعجبون منه، والحديث صحيح رواه البخاري ومسلم.