الإيمان بالبعث يشمل الأمرين، زجر فاعل المخالفات بالنار، وحفز فاعل الطاعات بالجنة، فكلا الأمرين متحقق في الإيمان بالبعث، والإنسان في هذه الدنيا يعمل ولا بد له أن يعمل، وسمى الله العمل كدحاً، قال عز وجل:{يَا أَيُّهَا الإِنْسَانُ إِنَّكَ كَادِحٌ إِلَى رَبِّكَ كَدْحاً فَمُلاقِيهِ}[الإنشقاق:٦] لا يوجد أحد يقول: أنا لن أعمل، لا بد أن تعمل، وسوف تجد ما تعمل، إن لم تعمل لله عملت للشيطان، وإن لم تعمل خيراً عملت شراً، وإن لم تشغل نفسك بالحق أشغلتك بالباطل، كذلك لا بد أن تنظر، وهل يستطيع الإنسان أن يعيش بغير نظر؟ لابد أن ينظر، ولكن إما أن ينظر إلى ما أحل الله أو ما حرم الله، ولا بد أن يسمع، ولكن إما أن يسمع ما أحل الله أو ما حرم الله، ولا بد أن يأكل، ويبطش، ويسير في الأرض، وينكح، وكل هذه المتطلبات ضرورية للإنسان، وإذا لم يعملها معناه أن الإنسان غير موجود.
من هو الذي لا يستطيع أن يأكل ولا يشرب ولا ينكح ولا يبصر؟ إنه الميت، أما الحي فلا بد له من عمل، ولهذا قال الله:{يَا أَيُّهَا الإِنْسَانُ إِنَّكَ كَادِحٌ إِلَى رَبِّكَ كَدْحاً فَمُلاقِيهِ}[الانشقاق:٦] النداء هنا للإنسان، والألف واللام هنا تسمى لام الجنس {يَا أَيُّهَا الإِنسَانُ}[الانشقاق:٦] جنس الإنسان {إِنَّكَ كَادِحٌ إِلَى رَبِّكَ}[الانشقاق:٦] أي: أنك ستعمل عملاً، وسوف تقدم بهذا العمل إلى ربك، وسوف تلقى نتيجة هذا العمل.