للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

[بين نور الإيمان وظلمات الكفر]

يقول الله تبارك وتعالى: {يَوْمَ تَرَى الْمُؤْمِنِينَ وَالْمُؤْمِنَاتِ يَسْعَى نُورُهُمْ بَيْنَ أَيْدِيهِمْ} [الحديد:١٢] ما هو نورهم؟! كهرباء؟! كشاف؟! إنه نور القرآن، والإيمان، والدين، واليقين، معك نور في الدنيا، وكذلك عند الموت والقبر والصراط فالنور ملازم لك، وفي دار الأنوار النور كله، {يَسْعَى نُورُهُمْ بَيْنَ أَيْدِيهِمْ وَبِأَيْمَانِهِمْ بُشْرَاكُمُ الْيَوْمَ جَنَّاتٌ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الْأَنْهَارُ خَالِدِينَ فِيهَا ذَلِكَ هُوَ الْفَوْزُ الْعَظِيمُ} [الحديد:١٢]، أما أهل الظلمات، الذين كانوا في ظلمات الدنيا، وما تعرفوا على أنوار الله، وما حاولوا أن يدخلوا هذا النور في قلوبهم؛ فإنهم أدخَلوا كلَّ أنوار الدنيا إلا نور الله، وسمعوا كل كلام الناس إلا كلام الله ما سمعوه، وقرءوا كل كتب وجرائد الناس ولم يقرءوا كتاب الله، واهتدوا بكل هدي، ولم يهتدوا بهدي رسول الله، فعاشوا في الظلمات، تركوا مصدر النور؛ لأن القرآن سماه الله نوراً، يقول الله عز وجل: {وَأَنْزَلْنَا إِلَيْكُمْ نُوراً مُبِيناً} [النساء:١٧٤].

وسَمَّى رسوله نوراً: {يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ إِنَّا أَرْسَلْنَاكَ شَاهِداً وَمُبَشِّراً وَنَذِيراً * وَدَاعِياً إِلَى اللَّهِ بِإِذْنِهِ وَسِرَاجاً مُنِيراً} [الأحزاب:٤٥ - ٤٦].

وسمى الله نفسه نوراً تبارك وتعالى، ومن أسمائه الحسنى: النور: {اللَّهُ نُورُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ} [النور:٣٥].

فإذا اكتسبت الأنوار من عبوديتك للجبار، وقراءتك لكلام الله، ومن الرسول صلى الله عليه وسلم عشت في النور، ولهذا يقول الله تبارك وتعالى: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَآمِنُوا بِرَسُولِهِ يُؤْتِكُمْ كِفْلَيْنِ مِنْ رَحْمَتِهِ وَيَجْعَلْ لَكُمْ} [الحديد:٢٨] ماذا؟! {نُوراً تَمْشُونَ بِهِ} [الحديد:٢٨].

ويقول الله عز وجل: {أَوَمَنْ كَانَ مَيْتاً فَأَحْيَيْنَاهُ وَجَعَلْنَا لَهُ نُوراً يَمْشِي بِهِ فِي النَّاسِ كَمَنْ مَثَلُهُ فِي الظُّلُمَاتِ لَيْسَ بِخَارِجٍ مِنْهَا} [الأنعام:١٢٢] وهل هذا مثل هذا؟! ما رأيكم برجل في ليلة مظلمة كُلِّف أن يعبر الطريق من قرية إلى قرية، وليس معه شيء، فكيف يصل هذا المسكين؟! لن يصل إلا وقد جرحته الحجارة، وأصابته الأشواك، وربما يقع في الحفر، ويسقط ويتعثر في (المطبات)، ويصطدم في الجدران، مسكين، ليس عنده نور.

وآخر كُلِّف بالمشي في نفس الطريق، وقالوا له: خذ (الكشاف)، ثم مشى، إذا رأى حفرة أو جداراً تجنبه، وإذا رأى شوكة تعداها، ويصل إلى المكان الذي قصده سليماً يسألونه: ماذا رأيتَ؟! لا شيء.

لماذا؟ معي نور؛ الحمد لله.

وهذه الدنيا هكذا، أنت مكلف أن تعبر هذه الدار إلى الله، وتمر وتجوز من هذه الدنيا إما إلى الجنة وإما إلى النار، فكيف تمشي بدون نور؟ إذا كانت الرحلة ساعة أو ساعتين فإنك تتعثر فيها إذا كنت بغير نور، فكيف تعيش ستين سنة بدون نور؟! أين هذا النور؟! تذهب إلى شركة الكهرباء؟! لا، هذا نور الدنيا، ينوِّر لك البيت فقط؛ لكن تريد نوراً ينور لك الدنيا والآخرة فبتمسكك بكتاب الله وبسنة النبي صلى الله عليه وسلم تحصل على النور.