للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

[المرأة عند أهل الإسلام]

استمر الناس على هذا الوضع حتى إذا شرقت شمس الإسلام نعمت المرأة -كغيرها من مخلوقات الله في الأرض- تحت ظله بكامل حقوقها، لم تنعم البشرية ولا الإنسانية فحسب ولكن العالم كله نعِم بظل الدين: {وَمَا أَرْسَلْنَاكَ إِلَّا رَحْمَةً لِلْعَالَمِينَ} [الأنبياء:١٠٧] هذا الدين كان النجاة للعالم كله، حتى سعدت الوحوش في البراري والقفار، وسعدت الأسماك في البحار، وصفت الأجواء، وطابت الثمار؛ لأن الأرض تصفو بطاعة الله وتشقى بمعصية الله، والله يقول: {ظَهَرَ الْفَسَادُ فِي الْبَرِّ وَالْبَحْرِ} [الروم:٤١] بماذا؟ {بِمَا كَسَبَتْ أَيْدِي النَّاسِ} [الروم:٤١] بمعنى: أنها إذا كسبت شراً ظهر الفساد، وإذا كسبت خيراً ظهر الصلاح، فنعِمت المرأة كغيرها تحت مظلة الإسلام، وأعيد لها كامل حقوقها وكرامتها، وقرر الإسلام أنها شقيقة الرجل لها ما له وعليها ما عليه، مع اختصاص الرجل بالقيادة والذود والحماية والإنفاق والولاية، يقول الله عز وجل: {وَلَهُنَّ مِثْلُ الَّذِي عَلَيْهِنَّ بِالْمَعْرُوفِ وَلِلرِّجَالِ عَلَيْهِنَّ دَرَجَةٌ} [البقرة:٢٢٨] وهذه الدرجة ليست درجة أفضلية، ولكنها درجة مسئولية، مثلاً: المدرسون في المدرسة الآن كلهم خريجون جامعيون، ولكن إدارة التعليم تختار واحداً منهم مديراً، فهل معنى ذلك: أن المدير أفضل من المدرسين؟ لا.

لعل المدرسين أفضل منه، لكن وقع عليه الاختيار لأنه قديم، وهو مسئول فقط.

لكن ما ظنكم لو قلنا: كلكم يا مدرسون مدراء؟ هل تصلح المدرسة؟ لا تصلح الحياة إلا بمدير، فالحياة الزوجية لابد فيها من مسئول، من الذي يصلح للقيادة الرجل أو المرأة؟ في تصورنا نحن لا يصلح طبعاً إلا الرجل، فالشرع قرر أن الرجل هو الذي يصلح وذلك لميزات عنده، هو الذي يصلح لأن يكون مسئولاً لا لأنه أفضل فقد تكون المرأة أفضل عند الله من ألف رجل! مثلاً: امرأة فرعون، الله عز وجل أخبر أنها قالت: {رَبِّ ابْنِ لِي عِنْدَكَ بَيْتاً فِي الْجَنَّةِ وَنَجِّنِي مِنْ فِرْعَوْنَ وَعَمَلِهِ وَنَجِّنِي مِنَ الْقَوْمِ الظَّالِمِينَ} [التحريم:١١] فهي أفضل من فرعون الذي ملك مصر وكان عظيمها الذي كان يقول: {أَنَا رَبُّكُمُ الْأَعْلَى} [النازعات:٢٤] وزوجته آسية بنت مزاحم كانت مؤمنة، ومع هذا كانت أفضل منه، فليست القضية قضية أفضلية، حتى لا يأتي أحد ويقول: لا، أنا رجل، أنا أفضل.

لا، لست أفضل، أنت مسئول فقط، يعني: أن الدرجة التي عندك هي درجة أن الله جعلك مسئولاً عن الريادة والقيادة والقوامة في الأسرة؛ لأن عندك ميزات: قوة، وشجاعة، وقدرة، ومواجهة.

أما المرأة فلا تستطيع، فهي مشغولة بوظائف أخرى لا تقدر لها أنت: المرأة تحمل، هل تقدر أنت أن تحمل؟ أنت إذا تعشيت وامتلأت بطنك قمت تصيح طوال الليل، تقول: أعطوني دواءً مهدئاً للهضم، أو مشروباً غازياً؛ هذا كله لأن في بطنك نصف كيلو من اللحم أو الأرز، كيف لو كان في بطنك طفلاً كبيراً وزنه أربعة كيلو جرام؟! وما يكون بعده؟؟! لكن الله جعل المرأة تستطيع أن تقوم بهذا العمل {حَمَلَتْهُ أُمُّهُ كُرْهاً وَوَضَعَتْهُ كُرْهاً} [الأحقاف:١٥] فلها وظيفة ولك وظيفة، يريدون أن يغيروا سنة الله في الأرض، يجعلون الرجل يأخذ وظيفة المرأة وهي تأخذ وظيفة الرجل، هذا تغيير: {وَلَنْ تَجِدَ لِسُنَّةِ اللَّهِ تَبْدِيلاً} [الأحزاب:٦٢] ومن يغير سنة الله هو الذي يتغير ويخسر وتبقى سنة الله جارية لماذا؟ لأن الله هو الخالق لهذه السنة، وهو الموجد لهذه السنن الكونية.