للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

[صعوبة ترك المعصية بعد إلفها]

السؤال

إني شخص قد منَّ الله عليَّ بالهداية، ولكن يوجد لديَّ معصية لا أستطيع تركها، وقد تركت كل المعاصي إلا هذه المعصية، أرشدنا بطريقة لكي أتركها؟

الجواب

أولاً: نحمد الله الذي هدى هذا الشاب، ونسأل الله أن يكمل له الهداية، ولكن -أيها الإخوة- الهداية دائماً تأتي ثمرة للمجاهدة كما في قول الله عز وجل: {وَالَّذِينَ جَاهَدُوا فِينَا لَنَهْدِيَنَّهُمْ سُبُلَنَا} [العنكبوت:٦٩] لأن الجنة غالية، والنار حرها شديد، فلا يمكن لأحد أن ينال هذه السلعة وهي الجنة وينجو من النار بدون معاناة ومجاهدة وتعب، وكل المعاصي والذنوب والآثام إذا وجدت من الإنسان قوة في الإرادة وعزيمة وتصميماً فإنه يتغلب عليها بعد الاستعانة بالله عز وجل وأخذ الأسباب، لكن إذا ضعف الإنسان وتراجع أمام شهوة من الشهوات أو معصية من المعاصي فإن الشيطان يستغل هذا الضعف، ويبدأ معه في حرب وتراجع إلى أن يقحمه فيما هو أعظم.

ولهذا نقول للأخ الكريم: تذكر وأنت تقدم على هذه المعصية تذكر أول شيء أن الله يراك.

أوحى الله إلى نبي من الأنبياء أن بلغ قومك إذا أرادوا معصيتي هل يعتقدون أني أراهم أو لا يعتقدون؟ أسألك إذا خلوت بنفسك وأردت أن تمارس المعصية؛ هذه معصية العادة السرية، هل عندك عقيدة أن الله يراك، أو لا يراك؟ إن كنت تعتقد أن الله لا يراك فقد كفرت، ولا حاجة لأن تصلي وتصوم؛ لأنك كافر؛ لأن عقيدتك أن الله لا يراك.

وإن كنت تعتقد أن الله يراك فلم لا تستحي منه؟!! لم كان الله أهون الناظرين إليك؟!! لو أحد رآك من زملائك أو من إخوانك أو أهلك وأنت على هذه القذرة هل ترضى؟ هل ترضى أن يراك طفل؟ إذاً كيف ترضى أن يراك الله ولا تستحي من الله؟ تستخفي من الناس ولا تستخفي من الله وهو معك، إذ تبيت ما لا يرضى من القول، لا إله إلا الله!! يقول الله في الحديث القدسي: (فلم كنت أهون الناظرين إليهم) لماذا كان الله في نظرك أهون ناظر بحيث تستحي من طفل ولا تستحي من الله؟!

وإذا خلوت بريبة في ظلمة والنفس داعية إلى الطغيان

فاستحي من نظر الإله وقل لها إن الذي خلق الظلام يراني

هذه العادة السرية أنا أسميها: العادة الشيطانية وهم يسمونها: العادة السرية لتلطيفها، وإلا فاسمها في الشرع: نكاح اليد؛ لأن الإنسان يزني بيده، وقد ورد في الحديث لعنته: (لعن الله ناكح يده) وإن ناكح يده يوم القيامة يبعث ويده حبلى، وما من حيوانٍ منوي يخرج عن طريق الاستمناء باليد إلا وتحمل هذه اليد منه، لكن متى تطلع آثار الحمل؟ يوم القيامة، كيف تبرئ نفسك -يا أخي- إذا أتيت يوم القيامة ويدك حبلى فيها ثمانمائة أو تسعمائة ولد، مصيبة يا أخي! كيف هذا، هذه عادة خبيثة محرمة، والدليل قول الله عز وجل: {وَالَّذِينَ هُمْ لِفُرُوجِهِمْ حَافِظُونَ * إِلَّا عَلَى أَزْوَاجِهِمْ أَوْ مَا مَلَكَتْ أَيْمَانُهُمْ} [المؤمنون:٥ - ٦] فقط، أي: أمة عندك، {فَإِنَّهُمْ غَيْرُ مَلُومِينَ * فَمَنِ ابْتَغَى وَرَاءَ ذَلِكَ فَأُولَئِكَ هُمُ الْعَادُونَ} [المؤمنون:٦ - ٧] أي: المعتدون المتجاوزون لأمر الله، لو كان نكاح اليد سائغاً لأباحه الله {وَمَا كَانَ رَبُّكَ نَسِيّاً} [مريم:٦٤].

الرسول صلى الله عليه وسلم كما في الصحيحين يقول: (يا معشر الشباب! من استطاع منكم الباءة فليتزوج؛ فإنه أغض للبصر، وأحصن للفرج، ومن لم يستطع -ما قدر ما قال: فعليه بيده- فعليه بالصوم؛ فإنه له وجاء).

فأولاً: يا أخي! استشعر عقوبة الله، وتذكر أن لذة المعصية البسيطة لذة الإمناء وأنت تمني فيها متعة ولذة بسيطة لا تعدل حرقة النار، ولا تعدل لذعة النار، فاغلب نفسك يا أخي! وجاهد نفسك مرة ومرتين وثلاثاً وأربعاً، وإن كان لك إمكانية في الزواج أو أبوك له إمكانية فتزوج، وإن لم تتزوج فعليك بالعفة، يقول الله عز وجل: {وَلْيَسْتَعْفِفِ الَّذِينَ لا يَجِدُونَ نِكَاحاً حَتَّى يُغْنِيَهُمُ اللَّهُ مِنْ فَضْلِهِ} [النور:٣٣] ومن يستعف ماذا يصير له؟ يعفه الله، انظر إلى كثير من الشباب لا يعملونها ولا يفكرون فيها أبداً لماذا؟ استعفوا، أما أن تجلس وبالك وفكرك فيها أين إيمانك؟ وأين دينك؟ وأين خوفك من الله؟ تصور شخص أخذ لك صورة (بالكاميرا) في تلك اللحظة، ثم بعدها أراك، قال: انظر كيف كنت تعمل، أما تخجل؟ لا تفعلها إلا القردة والكلاب، هذا العمل لا يليق بالإنسان -يا أخي- أنت مسلم، مؤمن، من أهل لا إله إلا الله، يدك طاهرة ونظيفة، تسجد عليها، وتصلي لله، وتكبر بها، ثم تعمل بها هذه الجريمة والعياذ بالله!! حسناً كيف تصنع؟ أولاً: الخوف من الله، والمراقبة لله.

وبعدها هناك وسائل تتخذها للابتعاد عن هذه العادة الشيطانية وهي كالآتي: ١ - لا تكثر من الطعام.

حاول أن تعمل لك حمية بحيث لا تأكل إلا بعض الطعام الخفيف الذي يقيم جسمك وعودك، ولا يبعث فيك الشهوة.

٢ - اعمل أي عمل مهني، إذا كان أبوك مزارعاً تعمل معه في المزرعة، أو كان أبوك تاجراً اشتغل في الدكان، خذ (الأكياس) واحمل (الكراتين) من أجل الطاقة هذه تذهب، ما عندك دكان ولا مزرعة، اعمل لك حركات رياضية وتمرن، ولا تبقي شيئاً إلى أن تطيح وتفنى، اعمل لك من هذه الأثقال وخذها وضعها، ودر على البيت ما في مانع، وإذا أتيت للفراش لا تأتي إلا وأنت منهك من أجل أن تنام.

٣ - إذا أحسست برغبة في مثل هذا الشيء قم صلِّ لله ركعتين، أحد سألني فدليته على هذا الموضوع قلت: كلما راودتك نفسك صل ركعتين، وجاءني بعد فترة وقال: والله ما عاد جاءتني؛ لأن النفس علمت أني أصلي، قالت: إذاً هذا لا فائدة فيه وهكذا.

٤ - اقرأ القرآن.

٥ - ابتعد عن قرناء السوء.

٦ - اسأل الله الهداية، اطلب من الله أنه يعفك، وبعدها إن شاء الله يعفك الله.