للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

[تحصين البيت من أول ليلة]

تبدأ المسئولية من أول ليلة وهي التي يسميها الناس: (ليلة العمر) حينما يدخل الرجل بزوجته، في تلك الليلة تكون الشهوة عارمة، وحصول لحظة اللقاء المنتظرة شيء مهم في حياة الرجل والمرأة! لكن الله سبحانه وتعالى يعلم المسلم في تلك اللحظات ألا ينسى في غمرة الفرحة والانشراح والانبساط أن يذكر الله، وأن يسأل الله أن يجنبه الشيطان وهو يأتي زوجته لأول مرة، ففي الصحيحين يقول النبي صلى الله عليه وسلم: (لو أن أحدكم إذا أراد أن يأتي أهله قال: باسم الله، اللهم جنبنا الشيطان وجنب الشيطان ما رزقتنا، فإنه إن قضي بينهما ولد لم يضره الشيطان).

لا تنس هذا في أول ليلة وفي كل ليلة؛ إذا أتيت أهلك فقل هذا الكلام؛ لأنك بهذا الدعاء تعتصم من الشيطان، وتعصم أولادك ونسلك من الشيطان، وإذا لم تقله فإن الشيطان يشاركك في النكاح، وقد ورد أن الشيطان يلتوي على إحليل الرجل ويجامع معه كما يجامع، ويشرك في الولد، فيكون نصف الولد لك ونصفه لإبليس، ولهذا ترى بعض الآباء إذا رأى ولده، يقول: هذا شيطان؛ هذا ليس مني.

هكذا من طبعه وتصرفاته، يقول: أعوذ بالله! هذا شيطان! لعلك نسيت أن تقول: باسم الله في تلك الليلة، فلا تنس، فمن السنة في ليلة الدخلة، إذا دخلت عليك زوجتك فأول شيء تضع يدك على ناصيتها، أي: جبينها وتقول: (اللهم إني أسألك خيرها وخير ما جبلتها عليه، وأعوذ بك من شرها وشر ما جبلتها عليه).

فتعلم هذه الآداب -يا أخي- ثم صلِّ ركعتين إذا دخلت عليك زوجتك، وقل لها: صلي ركعتين لله، -ما في شيء- لأن صلاتك في تلك اللحظات تدل على دوام تعلقك بربك، ثم بعد ذلك ادع الله لها أن يصلحها، وقل لها: أن تدعو لك، ثم قل لها: أنا جديد وأنت جديدة، فأي شيء لا تريدينه أعلميني به، وأنا أيضاً الذي لا أريده سأعلمك به، لتستقيم حياتنا الزوجية على التفاهم، وعلى أن يأتي الإنسان منا ما يحب الآخر، وأن يجتنب ما يكره الآخر.

وهذه الحياة عندما تبدأ بداية بهيمية؛ لا تبدأ بباسم الله، ولا توكلت على الله هذا -والعياذ بالله- مما يسبب فشلاً في الحياة الزوجية.

وصلاح الأولاد من أعظم النعم، يخبر الله سبحانه وتعالى أن عباد الرحمن يقولون: {رَبَّنَا هَبْ لَنَا مِنْ أَزْوَاجِنَا وَذُرِّيَّاتِنَا قُرَّةَ أَعْيُنٍ} [الفرقان:٧٤] قال العلماء: قرة العين هو الولد الصالح، والزوجة الصالحة، التي تقر بها عينك؛ لأن الذي عنده أولاد فاسدون عينه لا تقر، وإنما تزوغ، عنده خوف وقلق واضطراب، لا يدري ما جرى على أولاده، أو أين ذهبوا، أو مع من سهروا، أو متى يأتون في الليل فتراه في قلق دائم! لكن الولد الصالح في بيت والده، ولا يخرج إلا بإذنه، ودائماً بجانبه، كأنه ظل له؛ لا يمشي إلا وهو معه، ترى أباه قريرة عينه، منبسط، لماذا؟ لأن ولده صالح، فأهل الإيمان يقولون: {وَالَّذِينَ يَقُولُونَ رَبَّنَا هَبْ لَنَا مِنْ أَزْوَاجِنَا وَذُرِّيَّاتِنَا قُرَّةَ أَعْيُنٍ وَاجْعَلْنَا لِلْمُتَّقِينَ إِمَاماً} [الفرقان:٧٤] اللهم اجعل لنا يا رب العالمين من هذا رصيداً.

وكذلك البنات، والحديث في مسلم قال صلى الله عليه وسلم: (إذا مات ابن آدم انقطع عمله إلا من ثلاث -وذكر منها-: أو ولد صالح يدعو له) والولد هنا يشمل الذكر والأنثى؛ لأن الولد في الشرع إذا أطلق فمعناه الذكر والأنثى، كما قال الله تعالى: {وَالْوَالِدَاتُ يُرْضِعْنَ أَوْلادَهُنَّ} [البقرة:٢٣٣] أي: البنات والذكور، فالبنات والنساء إذا سمع k: ( أو ولد صالح) قلن: والبنات ألا يدعين لآبائهن؟ نعم يدعين، فالولد يشمل الجنسين، وجميع تكاليف الشرع موجهة إلى الجنسين، إلى المرأة والرجل على السواء، إلا ما اختصت به المرأة من أحكام، أو اختص به الرجل من أحكام، فهذا واضح ومبين في مظانه ومواضعه.