إذا نظرت إلى امرأة وهي تسير في الشارع تنظر لها أو تغض بصرك؟ قال: والله أتلفت، قلت: أين الإيمان؟ مسكين أنت ما عرفت الإيمان، أنت تتصور أن الإيمان أشياء ذهنية، وأشكال ظاهرية، ولكن الإيمان يشمل الشكل الظاهري، والمعنى الباطني والذهني والسلوك العملي، الإيمان في تعريف أهل السنة والجماعة هو: قول باللسان، واعتقاد بالجنان، وتطبيق بالجوارح والأركان، هذا هو الإيمان، يزيد بالطاعات، وينقص بالعصيان، كيف تنظر إلى امرأة والله قد قال لك في القرآن في سورة النور {قُلْ لِلْمُؤْمِنِينَ يَغُضُّوا مِنْ أَبْصَارِهِمْ}[النور:٣٠]؟! إن الذي ينظر إلى النساء كأنه يقول: يا رب! أنا لست منهم، فالذي ينظر في الحرام وفي النساء ويمتع عينه بالحرام كأنه يقول: إنك يا ربِّ أمرت رسولك أن يوجه الأمر للمؤمنين، وأنا لست من المؤمنين.
فالذي يرضى أن يكون من غير المؤمنين؛ ينظر أين يكون إن لم يكن منهم؟ أعوذ بالله وإياكم من النفاق:{قُلْ لِلْمُؤْمِنِينَ يَغُضُّوا مِنْ أَبْصَارِهِمْ وَيَحْفَظُوا فُرُوجَهُمْ ذَلِكَ أَزْكَى لَهُمْ إِنَّ اللَّهَ خَبِيرٌ بِمَا يَصْنَعُونَ}[النور:٣٠] فلا توجد قوة في الأرض تستطيع أن تسيطر على بصرك إلا قوة الله بفعل إيمانك، تستطيع أن تضحك على الناس، وأن تنظر في بيت شخص وعينك على زوجته في الشباك، فإذا جاءك وقال: لماذا تنظر في عيالي؟ تقول له: وما عيالك؟ قال: أراها في الشباك، وأراك تنظر إليها، فتقول: سبحان الله! أنت نظرتك سيئة -يا أخي- أنا أنظر في نوع الألمنيوم للشباك يعجبني هذا المنظر ولهذا سوف أذهب لأعمل مثله، لكن الله يعلم أين تنظر أنت، فتستطيع أن تضحك على الرجل وتقول: إني لا أنظر في بيتك بل أنظر في العمارة أو الشكل الخارجي للمبنى، لكن الله يقول:{يَعْلَمُ خَائِنَةَ الْأَعْيُنِ وَمَا تُخْفِي الصُّدُورُ}[غافر:١٩] ولذا ورد في بعض الأحاديث في السنن: (من غض بصره احتساباً لوجه الله أبدله الله إيماناً في قلبه يجد حلاوته إلى يوم يلقاه) أي: ليس فيها رياء، ربما يدخل الرياء كل شيء إلا هذه المسألة لا يدخلها رياء؛ لأنك تغض بصرك ولا أحد يستطيع أن يضبطك إلا الله.
قلت له: هل تسمع الأغاني؟ قال: نعم.
قلت: ما أبقيت من الدين شيئاً، ما هو الالتزام في نظرك؟ قال: وماذا هناك في الأغاني؟ قلت: أما سمعت قول الله عز وجل وهو يصف أهل الإيمان في سورة المؤمنون فيقول: {قَدْ أَفْلَحَ الْمُؤْمِنُونَ}[المؤمنون:١] أي: قد فازوا ونجحوا وحصلت لهم السعادة في الدنيا والآخرة بفوزهم في الدنيا بالإيمان، وبإنزالهم في الآخرة في الجنان:{الَّذِينَ هُمْ فِي صَلاتِهِمْ خَاشِعُونَ * وَالَّذِينَ هُمْ عَنِ اللَّغْوِ مُعْرِضُونَ}[المؤمنون:٢ - ٣] فالمؤمن يترفع ويتنزه عن هذه القذارات، فالأغاني أوساخ وكلام ساقط، وألحان هابطة، لو فكرت فيه بعقلك وليس بشهوتك -انتبه! إذا فكرت بشهوتك في الأغاني لقمت ترقص، لكن إذا فكرت بعقلك في الكلمات والألحان والبداية والشكل والمضمون- لتقيأت ورفضت هذا الكلام وترفعت عنه، وقلت: هذا كلام لا يصلح، ما خلقني الله لهذا، ثم اسأل نفسك: أتكون هذه الأغاني في ميزان الحق أو في ميزان الباطل يوم القيامة؟! من يقول: إنها في ميزان الحق؟ كل شخص يقول: إنها في ميزان الباطل، ولما سئل الإمام أحمد عن الأغاني.
سألهم وقال: أحق هو؟ قالوا: لا.
قال: فماذا بعد الحق إلا الضلال، ما دام ليس حقاً أين يكون؟ يكون في الضلال، فلماذا تعيش مع الضلال، فلا تسمع الأغاني وكن معرضاً عنها؛ لأن الله يقول:{وَإِذَا سَمِعُوا اللَّغْوَ أَعْرَضُوا عَنْهُ وَقَالُوا لَنَا أَعْمَالُنَا وَلَكُمْ أَعْمَالُكُمْ سَلامٌ عَلَيْكُمْ لا نَبْتَغِي الْجَاهِلِينَ}[القصص:٥٥] إذا أتى في مجلس وسمعهم يغنون؛ يقول: سلام عليكم لا نبتغي الجاهلين، وإذا أتى في حفل زواج ورآهم يرقصون؛ يقول: سلام عليكم لا نبتغي الجاهلين، إذا أتى في مجلس فيه نميمة يقوم وينكر بالرفض والتحدي لماذا؟ {وَإِذَا سَمِعُوا اللَّغْوَ أَعْرَضُوا عَنْهُ}[القصص:٥٥]{وَالَّذِينَ هُمْ عَنِ اللَّغْوِ مُعْرِضُونَ}[المؤمنون:٣] هذه صفات أهل الإيمان، فكيف تسمع الأغاني وتنظر إلى الحرام، ولا تصلي الفجر في المسجد ومع هذا تقول: إني مؤمن؟ قس نفسك على هذا.
ولو ذهبنا نستقصي الآيات والأحاديث لطال المقام جداً، لكني أتيت بها كمقدمة.