[المكفر الثامن: الآلام والأمراض والبلايا التي تصيب الإنسان]
إن الله عز وجل عدل لا يظلم مثقال ذرة، فإذا ابتلى إنساناً عوضه، إذا ابتلاك الله عز وجل بفقد بصرك يعوضك بالجنة، وإذا ابتلاك الله بمرض يمحص به خطاياك ويعوضك، وإذا انتهت خطاياك رفع درجاتك في الجنة، المهم ألا تظن أن شيئاً يضيع عليك إذا ابتلاك الله، فقط بشرط: الاحتساب والصبر، وأن تشعر بأن هذا من الله، وأن الله لا يظلم مثقال ذرة، فتحتسب هذا البلاء عند الله، أي: تتوقع عليه جزاءً وثواباً من الله عز وجل، أما التبرم والسخط وعدم الرضا، ولماذا أنا من بقية الناس؟ ولماذا أنا أمرض دائماً؟ ولماذا أولادي يمرضون ولماذا؟ من رضي فله الرضا ومن سخط فعليه السخط.
فالسخط لا يرفع المصيبة نازلة نازلة، لكن يضيع الأجر، والرضا يكسبك الثواب من الله تبارك وتعالى، فكل ما يصيبك من ألم فهو مطهر لذنوبك وسيئاتك، يقول عليه الصلاة والسلام:(ما من مسلمٍ يصيبه من نصبٍ، ولا وصبٍ، ولا هم، ولا حزن، ولا غمٍ، حتى الشوكة يشاكها إلا كفر الله بها خطاياه).
ويقول عليه الصلاة والسلام:(ما يزال البلاء بالمؤمن والمؤمنة في ولده وماله حتى يلقى الله وما عليه خطيئة) رواه الترمذي وقال: حديث حسن صحيح، فلا يزال البلاء بك حتى تلقى الله وليس عليك خطيئة واحدة.
وورد (أن أقواماً يأتون يوم القيامة ولهم حسناتٍ كأمثال الجبال فيقولون: بم هذا يا ربنا؟ -يقولون: ما عملنا هذه الحسنات، هم يعرفون أنفسهم، ليس عندهم هذا كله- فيقال: إن هذا بالبلاء والمرض الذي أصابكم في الدنيا، أعطاكم الله به هذا ثواباً، يقول: فيتمنى أهل العافية الذين كانوا متعافين في الدنيا أنهم ما تعافوا يوماً واحداً، ويتمنون أنهم كانوا أمراضاً طول الزمان لما رأوا من ثواب الذين ابتلاهم الله عز وجل) فإذا ابتلاك الله فاصبر.
وفي حديث صحيح في مسند الإمام أحمد: جاءت امرأة إلى النبي صلى الله عليه وسلم فقالت: (يا رسول الله! إن لي ابنة أريد أن تنكحها -تريد تزوجه البنت- وإنها يا رسول الله -وقامت تدعو وتبين أنها وأنها وأنها- حتى كاد النبي صلى الله عليه وسلم أن يوافق عليها، وإنها يا رسول الله لم تشتك قط) يعني: ما مرضت طوال حياتها، شابة متعافية صحيحة ناصحة يعني: ما يحتاج مثل اللاتي نريد الآن، أكثر الناس إذا تزوج امرأة قال: هل هي مريضة؟ إن كانت هي مريضة تذهب عند أهلها ليس عندي مستشفى، لا -يا أخي- الله يجري لك الأجر وأنت لا تعلم، ماذا قال عليه الصلاة والسلام؟ قال:(لا حاجة لي بها) لما قالت أمها: إنها لم تشتك قال: (لا حاجة لي بها، قالت: لم يا رسول الله؟! قال: لو أحبها الله لابتلاها).
فأنت إذا عندك زوجة وعندها بلاء هذه أحبها الله، وأكرمها، وقم بخدمتها، اتخذها طريقاً إلى الجنة، فلا مانع من أن تأخذها إلى المستشفى، لا مانع من أن تتعب، لكن احتسب ذلك عند الله، أما أن تتخلى عنها؛ لأنها مريضة فهذا ليس من أخلاق المؤمنين، بعض الناس تجده طيباً مع الزوجة؛ لأنها متعافية، فإذا مرضت أخذها ووضعها عند أهلها، قال: ابنتكم مريضة عالجوها أنتم، وإذا تعافت جاء يأخذها، ما شاء الله عليك! يعني: لا تريد أن تتعب، هذا ليس من أخلاق أهل الإيمان والرجولة والمروءة.