ما معنى قول النبي صلى الله عليه وسلم:(لا يدخل الجنة نمام)؟ وهل معناه أن الذي يموت نماماً لا يدخلها ولو مات على الإيمان أو التوحيد؟
الجواب
هذه الأحاديث أيها الإخوة! كما يقول العلماء: أحاديث الوعيد التي خرجت مخرج التهديد والترهيب من فعل بعض الأشياء لا تؤخذ لوحدها وإنما تؤخذ مع عموم الأدلة مثل حديث الرسول صلى الله عليه وسلم (من صلى البردين دخل الجنة) وهذا حديث في صحيح البخاري وصحيح مسلم و (البردان) يعني العصر والفجر، فلا يأتي واحد يصلي الفجر والعصر ويترك المغرب والظهر والعشاء ويقول: مادام أنه من صلّى البردين دخل الجنة فأنا أدخل الجنة، فنقول: لا (من صلى البردين دخل الجنة) ولكن لابد من الصلوات الخمس بأدلة أخرى.
فهنا دلت الأدلة الشرعية الثابتة في كتاب الله عز وجل، وعن رسول الله صلى الله عليه وسلم أن من مات على التوحيد لا يخلد في النار وأن مصيره إلى الجنة في آخر الأمر، إذ يخرج من النار من في قلبه مثقال ذرةٍ من إيمان، وإنما المقصود أنه لا يدخل الجنة نمام أي: لا يدخلها ابتداءً، يعني: لابد من دخوله النار ليعذب على قدر الأقذار التي علقت به؛ لأنه إذا مات الإنسان وهو نظيف بالتوحيد، ونظيف من المعاصي والذنوب فإنه طيب في الظاهر والباطن فيدخل دار الطيبين، أما إذا مات وبه قذر أو به لطوخ من المعاصي فإنه لا يدخل الجنة الطيبة إلا بعد التعقيم في النار، والمكث في التعقيم يكون بحسب كثرة الأوساخ فالذي أوساخه قليلة يكون مكثه قليلاً، والذي أوساخه كبيرة ومتأصلة يكون مكثه طويلاً، وقد يدخل الجنة ابتداءً بدون تعقيم، وإنما تعقمه رحمة الله عز وجل كما قال الله عز وجل:{إِنَّ اللَّهَ لا يَغْفِرُ أَنْ يُشْرَكَ بِهِ وَيَغْفِرُ مَا دُونَ ذَلِكَ لِمَنْ يَشَاءُ}[النساء:٤٨].
فأما الشرك فلا يغفره الله؛ لأن المشرك كالخنزير كما يقول ابن القيم: الخنزير لو أدخلته من طرف البحر -تريد أن تغسله- وأخرجته من الطرف الآخر طلع عليك خنزيراً فلا ينظفه ماء البحر، لكن المسلم الذي يموت موحداً وعليه أقذار، فإنه يمحص بقدرها، وكلما كانت ذنوبه أكثر كان مكثه أكثر، فالنمام لا شك أن عمله كبير، ومن كبائر الذنوب، وهو يعذب صاحبه في القبر ويعذبه في البرزخ، ولكن إذا كان موحداً -مات على التوحيد- ولا يشرك بالله، فإنه بتوحيده ستكون نهايته إلى الجنة بإذن الله عز وجل.