النعيم الذي لا ينفد هو نعيم الجنة -أيها الإخوة- {وَأَنْتُمْ فِيهَا خَالِدُونَ}[الزخرف:٧١].
يقول العلماء: إن أعظم نعيم يعطاه أهل الجنة حينما يطمئنون على أنهم خالدون فيها، فلا يموتون، ولا يتحولون، ولا يهرمون، ولا يشيبون، ولا يمرضون، وإنما نعيم، وكذلك لا توجد عبادة في الجنة، لا توجد صلاة ولا صيام، قد صليت وقد صمت هنا، ما بقي إلا نعيم في نعيم، وكل ما فيها نعيم نسأل الله وإياكم من فضله.
وأعظم ما جاء في وصفها في كتاب الله وفي سنة رسول الله صلى الله عليه وسلم، ووصفها أيضاً ابن القيم رحمه الله في كتاب عظيم له اسمه: حادي الأرواح إلى بلاد الأفراح، فالروح شبهها ابن القيم مثل الراحلة، والراحلة إذا أردت أن تسري، وتقطع المسافة، فإنه يلزمك أن تحدو لها، والحدو يعرفه أصحاب الإبل؛ الإبل تسري في الليل؛ لأن الشمس تظميها في الصحاري، فيقيلون بها لكن إذا جاء الليل سرت، وإذا سرت تحتاج إلى من ينشد لها بعض الأشعار، فإذا أنشد لها الأشعار همجلت أي: جرت، ولهذا يقول عليه الصلاة والسلام لـ أنجشة؛ وأنجشة كان يحدو الإبل وعليها النساء، وكان صوته طرياً وندياً وكان يحدو بصوت شجي، فيجعل الإبل تركض ركضاً حتى كادت أن تكسر النساء، فقال عليه الصلاة والسلام له:(رفقاً بالقوارير يا أنجشة) أي: قليلاً من حدوك حتى لا تكسر الجمال النساء اللاتي عليها.
يقول: هذه الروح راحلة والحادي لها ما ذكره الله عز وجل من كلامه ومن كلام رسوله صلى الله عليه وسلم من أجل أن تسارع، وتقطع الطريق بسرعة إلى الجنة.