للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

تُعرف حقيقة الدنيا بما يأتي بعدها

أيها الإخوة! هذه هي الدنيا، شباب ونضرة، ثم شيخوخة وهرم، قصور بعدها قبور، ونور بعده ظلام، وأنس بعده وحشة، وسعة في المنازل بعدها ضيق في القبور، ونعيم وطعام وشراب ولباس ولكن تنتهي أيام هذه الحياة، يقول الله عز وجل للنبي صلى الله عليه وسلم: {أَفَرَأَيْتَ إِنْ مَتَّعْنَاهُمْ سِنِينَ * ثُمَّ جَاءَهُمْ مَا كَانُوا يُوعَدُونَ * مَا أَغْنَى عَنْهُمْ مَا كَانُوا يُمَتَّعُونَ} [الشعراء:٢٠٥ - ٢٠٧].

هب أنهم تمتعوا بكل متاع، وتلذذوا بكل لذائذ الدنيا، ولكن ماتوا وقابلوا ربهم والله ساخط عليهم، فماذا يبقى معهم من النعيم، إن النعيم واللذائذ تفنى وتذهب وتبقى آثامها وتبعاتها، وإن الطاعات والمعاناة في إتيانها تذهب وتنتهي ويبقى ثوابها وأجورها، فلا تغتر يا أيها الأخ في الله! وأنت تسير في مراحل هذه الحياة، لا تغتر بالمعوقات والمثبطات، بل اسلك سبيل الصالحين، ولا يغرك قلة السالكين، واحذر من طريق الهالكين، ولا تغتر بكثرة السالكين {وَإِنْ تُطِعْ أَكْثَرَ مَنْ فِي الْأَرْضِ يُضِلُّوكَ عَنْ سَبِيلِ اللَّهِ إِنْ يَتَّبِعُونَ إِلَّا الظَّنَّ وَإِنْ هُمْ إِلَّا يَخْرُصُونَ} [الأنعام:١١٦].

اسلك السبيل الواضح الذي رسمه رسول الله صلى الله عليه وسلم، مستقيماً لا عوج فيه، ولا انحناءات ولا التواءات، بل محجة بيضاء ليلها كنهارها، ليس فيها غبش ولا ظلمة، لا يزيغ عنها إلا هالك.