[منزلة الصلاة في الإسلام]
يقول الله سبحانه وتعالى في شريعة الإسلام بالشريعة الخاتمة المهيمنة المسيطرة التي هي آخر الرسالات والتي رسولها آخر الرسل، قال الله عزوجل فيها: {وَمَنْ يَبْتَغِ غَيْرَ الْأِسْلامِ دِيناً فَلَنْ يُقْبَلَ مِنْهُ وَهُوَ فِي الْآخِرَةِ مِنَ الْخَاسِرِينَ} [آل عمران:٨٥] فكانت الصلاة قطب هذا الدين وعمود هذا الإسلام.
وفي حديث معاذ بن جبل لما سأل النبي صلى الله عليه وسلم فقال: (أخبرني بعمل يدخلني الجنة ويباعدني عن النار؟ قال: تعبد الله لا تشرك به شيئاً، وتقيم الصلاة، وتؤتي الزكاة، وتصوم رمضان، وتحج البيت الحرام إن استطعت إليه سبيلا، ثم قال: ألا أدلك على رأس الأمر وعموده وذروة سنامه؟ قلت: بلى يا رسول الله، قال: رأس الأمر الإسلام، وعموده الصلاة، وذروة سنامه الجهاد في سبيل الله، ثم قال: ألا أدلك على أبواب الخير؟ قلت: بلى يا رسول الله، قال: الصوم جنة) الصوم وقاية؛ لأنه يحفظك من كل معصية، والصائم يحفظ من معصية الله، فكيف يخرب ويبني في نفس الوقت.
(الصوم جنة، والصدقة تطفئ الخطيئة كما يطفئ الماء النار، وصلاة الرجل في جوف الليل ثم قرأ: {تَتَجَافَى جُنُوبُهُمْ عَنِ الْمَضَاجِعِ يَدْعُونَ رَبَّهُمْ خَوْفاً وَطَمَعاً وَمِمَّا رَزَقْنَاهُمْ يُنْفِقُونَ * فَلا تَعْلَمُ نَفْسٌ مَا أُخْفِيَ لَهُمْ مِنْ قُرَّةِ أَعْيُنٍ جَزَاءً بِمَا كَانُوا يَعْمَلُونَ} [السجدة:١٦ - ١٧] ثم قال: ألا أدلك على ملاك ذلك كله؟ قلت: بلى يا رسول الله، قال: كف عليك هذا، قال: وإنا لمؤاخذون بما نتكلم به؟! قال: ثكلتك أمك يا معاذ وهل يكب الناس في النار على وجوههم أو على مناخرهم إلا حصائد ألسنتهم) فلا يكب الواحد في النار إلا لسانه، اللسان هو وسيلة النجاة وهو وسيلة الهلاك.
لا حول ولا قوة إلا بالله! فجاءت الصلاة لتكون ذات منزلة عظيمة في دين الله حتى قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (وجعلت قرة عيني في الصلاة) قال: (حبب إليَّ من دنياكم الطيب) صلوات الله وسلامه عليه؛ لأنه طيب.
والطيب يرفع النفس ويبارك الروح، ولذا قال أهل العلم: لو أنفقت ثلث مالك في الطيب لم تعد مسرفاً، أي: لو أن راتبك (ستة آلاف ريال) وأنت شهرياً تصرف (ألفي ريال) في الطيب لم تعد مسرفاً، لماذا؟ لأن الطيب يحبه الله تبارك وتعالى، والملائكة تحب الطيب، والناس يحبون الطيب، فمن كان طيباًَ في ريحه فهو طيب عند الله في كل أموره.
لكن اليوم أكثر ما ينفق الناس أموالهم في الدخان في طيب الشيطان، ولا يمكن أن يغلق الباكت إلا والباكت وراءه، بل بعضهم يشتري (كراتين) لأنه يخاف أن تأتي حروب وتصير أزمة في الدخان، فهو يكنزه مثلما يكنز البر والحب -لا حول ولا قوة إلا بالله! - ولو حسب كم يشتري كل يوم يشرب علبتين، والعلبتان (بثمانية ريالات) أو (بعشرة ريالات) بحسب نوعية الدخان، أي: يشتري في الشهر (بثلاثمائة ريال) أي: في السنة (ثلاثة آلاف وستمائة ريال) في الدخان، ويقول بعضهم: إن ريال الدخان معوض، فلو جاءه فقير عند الباب في الصباح وأعطاه ريالاً قلنا: كثر الله خيرك، لكن لو جاءه في اليوم الثاني: ويريد ريالاً، قال: ماذا أتى بك؟ فبالأمس أعطيتك ريالاً وتمر عليَّ كل يوم، ولكن الدخان كل يوم (عشرة) وليس فيها كلام ولا تبرم أبداً ولا ضجر، لماذا؟! لأنها طاعة للشيطان ومعصية لله تبارك وتعالى.
بينما كم ينفق الإنسان في العود؟ كم ينفق الإنسان في الطيب؟ قليل جداً، فرسول الله صلى الله عليه وسلم طيب ويحب الطيب يقول: (حبب إليَّ من دنياكم الطيب والنساء -أي: الحلال-، وجعلت قرة عيني في الصلاة) صلوات الله وسلامه عليه، ويقول وهو يلفظ أنفاسه في آخر لحظة من لحظات حياته: (الله الله في الصلاة، الله الله في الصلاة، الله الله في الصلاة، وما ملكت أيمانكم) ولما نزل قول الله عز وجل: {فَخَلَفَ مِنْ بَعْدِهِمْ خَلْفٌ أَضَاعُوا الصَّلاةَ} [مريم:٥٩] خلف أي: نشء جديد، أي: أناس يأتون وأبرز صفاتهم أنهم لا يحبون الصلاة، وهذا موجود الآن، إلا من رحم الله.
ما من بيت إلا وفيه معركة بين الأب وبين الأولاد في الصلاة، الأب يريد طاعة الله والأولاد لا يريدونها أبداً، إذا دعاهم إلى الصلاة كأنه يضرب وجوههم بحديد، فلا يريدون الصلاة: {فَخَلَفَ مِنْ بَعْدِهِمْ خَلْفٌ أَضَاعُوا الصَّلاةَ وَاتَّبَعُوا الشَّهَوَاتِ} [مريم:٥٩] أما المباراة يذهب من قبل العصر ينتظرها يأتي لكي يلعب كرة، والكرة أتعب من الصلاة، لكنها صلاة إبليس وطاعة للشيطان، لكن الصلاة ثقيلة عندهم: {وَاتَّبَعُوا الشَّهَوَاتِ فَسَوْفَ يَلْقَوْنَ غَيّاً} [مريم:٥٩] لما نزلت هذه الآية قال محمد صلى الله عليه وسلم لجبريل: (أو تضيع أمتي من بعدي الصلاة؟!) أيعقل أن يُضيع مسلم الصلاة؟ (قال: يأتي أقوام في آخر الزمان يبيع أحدهم دينه بعرض من الدنيا، درهم عنده خير من صلاة)، فالآن تركوها بلا درهم ولا ريال ولا حول ولا قوة إلا بالله، إنا لله وإنا إليه راجعون!