المجيء الثاني:{وَمَنْ يَأْتِهِ مُؤْمِناً}[طه:٧٥] اللهم اجعلنا يا رب ممن يأتي مؤمناً، وأبشركم -أيها الإخوة- إن شاء الله بالإيمان؛ لأن للإيمان علامات ومن علامات أهل الإيمان حبهم لهذه المجالس، كونك تترك عملك وشغلتك وأولادك ومصالحك وتأتي من أجل مجالس الذكر، لا يقودك إليها إلا الله، ليس هناك أي دافع يدفعك، لأنه ليس عندنا نقود نقسمها، ولا عندنا عشاء نعشيكم في هذه المحاضرة، وإنما عندنا هذه الجلسة، وعندنا مائدة الله عز وجل، في آخر الجلسة ينادي منادٍ من السماء: أن قوموا مغفوراً لكم قد بدلت سيئاتكم حسنات، ويباهي بكم الله في الملأ الأعلى، ويقول للملائكة وهم يصعدون إلى الله وهو أعلم:(كيف وجدتم عبادي؟ قالوا: وجدناهم يسبحونك ويهللونك ويقدسونك، فيقول: ماذا يسألونني؟ قالوا: يسألونك الجنة! قال: وهل رأوها؟ قالوا: لا.
قال: كيف لو رأوها؟ قالوا: لازدادوا حرصاً عليها وطلباً لها، فيقول الله: وبم يستعيذون؟ قالوا: يستعيذون بك من النار - اللهم إنا نسألك الجنة ونعوذ بك من النار- فيقول الله: وهل رأوها؟ قالوا: لا.
فيقول الله عز وجل: فكيف لو رأوها؟ قالوا: لازدادوا منها هرباً وبُعداً، فيقول الله عز وجل: أشهدكم أني قد غفرت لهم) اللهم إنا نسألك من فضلك يا رب العالمين، والحديث في الصحيحين، يقول أحد الملائكة:(يا رب! إن فيهم فلان بن فلان ليس منهم، ليس من أهل الذكر ولكن أتى لحاجة فجلس -مر من عند المسجد ورأى الناس مجتمعين وقال: لنر ماذا هناك، ما هو من أهل الذكر حتى تغفر له يا رب- قال الله: وله قد غفرت، هم القوم لا يشقى بهم جليسهم).