أن يتعرف ويتعلم هذا الدين الذي التزم به، فيبدأ في العلم بحفظ القرآن الكريم، ويبدأ بدايات مرشدة، يحفظ جزء عم، ثم جزء تبارك، ثم جزء قد سمع، ثم تحفظ إلى (ق) واسمه المفصل؛ لأن سوره مفصلة، وكلما قرأت سورة تأخذ تفسيرها من القرآن، ماذا أراد الله مني؟ ماذا يطلب الله مني؟ تقف عند الآيات، تراجع نفسك مع مضمون هذه الآيات، كما كان السلف رضي الله عنهم يعملون، يقول عبد الله بن مسعود:[كنا لا نتجاوز العشر آيات من القرآن حتى نعيهن ونعمل بهن] إذا أكمل العشر الآيات وطبقها انتقل إلى العشر الأخرى، ولذا فهم يتعلمون ويعملون، واليوم نقرأ القرآن من أوله إلى آخره، وإذا أكمل الفرد منا القرآن أوقفه وقل: بالله ما قرأت؟ يقول: القرآن، حسناً ماذا أمرك الله فيما قرأت؟ قال: لا أعرف، وماذا نهاك الله فيما قرأت؟ قال: لا أعرف، ما هي القصة التي مررت عليها في القرآن؟ ما هي النواهي؟ وما الأخبار؟ لا شيء، يقرأه ولا يدري ماذا قرأ، هذا ليس تعاملاً شرعياً مع القرآن، الله أنزل القرآن ليُعمل به بعد التدبر، يقول عز وجل:{كِتَابٌ أَنْزَلْنَاهُ إِلَيْكَ مُبَارَكٌ لِيَدَّبَّرُوا آيَاتِهِ وَلِيَتَذَكَّرَ أُولُو الْأَلْبَابِ}[ص:٢٩] ويقول عز وجل: {أَفَلا يَتَدَبَّرُونَ الْقُرْآنَ أَمْ عَلَى قُلُوبٍ أَقْفَالُهَا}[محمد:٢٤] فأول شيء أن تتعلم الدين الذي التزمت به، وتعرف الطريق الذي سرت فيه، أنت التزمت الآن؛ لكن لا تدري ما الذي التزمت به؟ فتبدأ بحفظ القرآن، الأجزاء الأولى منه، دراسة تفسيرها، وحفظ شيء من السنة، تبدأ بـ الأربعين النووية، وتقرأ شروحها من كتاب ابن رجب الحنبلي جامع العلوم والحكم، وتبدأ بـ آداب المشي إلى الصلاة الذي ألفه الشيخ محمد بن عبد الوهاب، تبدأ بـ الأصول الثلاثة في العقيدة، تقرأ مختصر السيرة النبوية لـ محمد بن عبد الوهاب أيضاً، تبني نفسك علمياً لكي يوجهك العلم، وأنت ماشي تجد العلم يوجهك؛ لأن العلم نور، والذي يمشي بغير علم مثل الذي يمشي في الظلام، والذي يمشي في الظلام يقع في الحفر ويقع في الآفات، وربما يصاب في طريقه وهو لا يشعر.
فلا بد أول شيء بعد الشعور أنك انتقلت إلى الحياة الإيمانية، أن تبدأ في الحياة العملية بطلب العلم، وترفق العلم بالعمل سواء، ولا تقل: أتعلم ثم أعمل، لا.
كلما علمت تعمل، أي شيء تعرف أنه من الدين بدليل من الكتاب والسنة تطبقه مباشرة، فتتعلم وتعمل في آنٍ واحد.