[الزوجة الصالحة]
ومن العوامل التي تدعو إلى السعادة: الزوجة الصالحة.
طبعاً كل واحد يقول: يا الله: ارزقنا من فضلك يا رب! طبعاً نحن نقول هذا الكلام -أي: عن الزوجة الصالحة- ونعني به الشباب الذين سوف يتزوجون إن شاء الله، حتى يضعوا مقاييس وضوابط الاختيار؛ لأن الزوجة ليست بيعة ليل ولا صفقة سيارة، لا.
الزوجة مصير، ولهذا ينبغي أن يكون اختيارك مبني على أسس قويمة لا على مجرد نظرات عاطفية، أو نزوات نفسية وجنسية، لا.
ولهذا حدد النبي صلى الله عليه وسلم الضوابط التي يضعها الرجل في نظره وهو يختار، قال صلى الله عليه وسلم: (تنكح المرأة لأربع: لمالها ولجمالها ولحسبها ولدينها, فاظفر بذات الدين تربت يداك) تربت يداك، أي: تلطخت يداك بالتراب, كناية عن الخسارة, فالذي عنده زوجة ليس عندها دين خاسر, فاجعل همك الأول هو الدين، ثم لا مانع أن تبحث عن بقية المقومات كالجمال وغيره, ولهذا قال عليه الصلاة والسلام في السنن: (الدنيا متاع -أي: لذة ومتعة- وخير متاعها المرأة الصالحة) ثم ذكر مقوماتها الثلاث: (إن نظرت إليها سرتك) وهذه تعني الجمال، والجمال نسبي, فبعض الناس يريد ملكة جمال وهو نفسه ليس ملك جمال إذا أردت واحدة جميلة أولاً انظر إلى نفسك: هل أنت جميل أو نصف بنصف؟ ثم خذ واحدة على مستواك؛ لأنك لو مكثت تبحث عن أجمل واحدة فلن تجدها, وإذا وجدتها فسوف تعيش معها في عذاب؛ لأنها كلما نظرت إليك زفرت، تقول: ابتلاني ربي بهذا الجني! لكن اختر واحدة مثلك في الجمال حتى لا يرفع أحد نفسه عن الثاني؛ ولأن البحث عن المثاليات في الزوجة الجميلة قد لا تبلغها, والجمال أحياناً يكون مكتسباً ليس خلقياً -فقط يكون وهمياً- وجمال الخلق يغطي كل عيب, وجمال الدين يغطي كل العيوب.
ولعلك ترى بعض العمارات الضخمة والطويلة والعريضة, ولها بروزات ولها انحناءات لكنها ليست جميلة وليس لها قبول, بينما تجد عمارة بسيطة لكنها جميلة ومقبولة.
فالقضية قضية قابلية، فأنت ابحث عن الجمال لكن النسبي, ولا تضع شروطاً خيالية مفصلة كأنك في مصنع؛ طول في عرض, بل البعض الآن يشترط فحصاً طبياً؛ لا سكر ولا ربو يريد واحدة جاهزة, لا.
تزوج على بركة الله ولكن اجعل همك الأول هو الدين والخلق، فإذا توفر هذا فهو المهم.
قال عليه الصلاة والسلام: (الدنيا متاع وخير متاعها المرأة الصالحة، إن نظرت إليها سرتك -وهذه تمثل الجمال- وإن أمرتها أطاعتك -وهذه تمثل الخلق- وإن غبت عنها حفظتك في نفسها ومالك -وهذه تمثل الدين-) فإذا وفر الله لك هذه الزوجة فاحمد الله عليها, أو تزوجت ولم تجد؛ لأن بعض الناس يغلط أو يقدر له أن يغلط في أول حياته ويتزوج بواحدة ثم يستمر في الغلط حتى يموت, لا -يا أخي- فقد جعل الله تعالى لك مجالاً آخر أي: إذا ما نجحت في الأولى تنجح في الثانية, ولهذا يقول الله تعالى: {فَانْكِحُوا مَا طَابَ لَكُمْ مِنَ النِّسَاءِ مَثْنَى وَثُلاثَ وَرُبَاعَ} [النساء:٣] وما جعل الله في التعدد فرصة إلا لمثل هذه الأشياء؛ لأنه من الصعب أن تجري اختيارات واختبارات دقيقة للزوجة التي ستأخذها، إنما هي بالتوفيق والحظ وهي قسمة ونصيب, مثل ما كانوا يقسمون اللحم قبل العزائم على الضيوف فواحد يكون حظه (كرشه) وآخر لحمة, وكل واحد ونصيبه, فالجميلة مشكلة والقبيحة مشكلة؛ لأن بعض الناس لو عنده زوجة جميلة يبلغ الناس, فتطول أعينهم إلى زوجته, وبعضهم عنده زوجة قبيحة فيظهرها للناس فيرحمونه، وكلما رأوه قالوا: مسكين! ولهذا هي امرأتك فاسترها.
فإن كانت جميلة فهي لك وإن كانت قبيحة فهي عليك.