معي زوجة طيبة ولكنها تدعو على أولادي بدعاءٍ شر، فما نصيحتكم لها وجزاكم الله خيراً؟
الجواب
من الأخطاء الشائعة عند الرجل وعند المرأة الدعاء على الأولاد، أو على النفس، أو على المال، وقد قال عليه الصلاة والسلام:(لا يدع أحدكم على أهلٍ ولا ولد ولا مال؛ فقد يصادف باباً مستجاباً) الإنسان إذا دعا على ولده، أو المرأة إذا دعت على عيالها هل هي صادقة؟ ليست صادقة، تود أن الشوكة التي في رجله في عينها، لكن من باب الغضب تقول: الله يهلكك، الله يكسر ظهرك، الله يعمي بصرك، الله أكبر عليك، وهي ليست صادقة، وإذا استجاب الله عز وجل ماذا يكون حالها؟ إحدى النساء تمسك ولدها وتقول: لا تخرج، وهو يريد أن يخرج، ورفض إلا أن يخرج، فقالت: الله يأخذ روحك، فخرج من الباب والسيارة أمامه فصدمته ومات، فسقطت أمه على الأرض مغشياً عليها وهي ترى المنظر، وذهلت وحملت إلى المستشفى وجلست في الإنعاش، ثم لما أفاقت قالت: أنا الذي قتلت ولدي، قالوا: كيف؟ قالت: قلت: الله يأخذ روحك، فأخذ الله روحه، استجاب الله الدعوة.
فلا تدعُ عليه، بل ادع له، بدل الله يأخذ روحك، الله يوفقك، لكن بعض الناس لا يهدأ قلبه إلا إذا دعا بالشر، فعليك أن تقول: الله يحفظك، الله يوفقك، الله يسعدك، الله يشرح صدرك، وغيرها من الدعوات، حتى في الصلاة إذا أقمت ولدك لا تقل: قم الله يهلكك! قم الله ينتقم منك! قل: الله يهديك! قم الله يوفقك! قم الله يشرح صدرك! قم الله يعينك! الكلمة الطيبة والخبيثة سهلة النطق، لكن تلك خير وتلك شر، فانتبه لنفسك ولا تدع إلا بخير.
يخبرني شخص -وهذه القصة فيها عظة وعبرة وأنا أكررها، يخبرني أن له ولداً باراً تقياً ملتزماً متديناً، وهو يدرس في الجامعة وكان يذاكر دروسه حتى تعب، وحينما تعب أحس برغبة في أن يمشي للنزهة، فجاء إلى أبيه ولا يستطيع أن يخرج بغير إذن أبيه من صلاحه، وهو لابس ثوب النوم، وقال: يا أبي أريد أن أتنزه في البلد، لقد تعبت من المذاكرة، قال له أبوه من حبه له: يا ولدي لا تخرج، الليل ليس في خروجه خير، فلا تخرج في هذا الوقت، الساعة الآن الثانية عشرة من الليل، قد تأتيك مصيبة، اجلس يا ولدي، فانصاع الولد ورجع وقلبه مغير وذهب إلى أمه وقال: انظري يا أمي، طلبت من أبي أن أخرج فرفض أن يسمح لي، فقومي وادخلي على أبي، فقالت الأم للأب: حطمت الولد، عقّدت الولد، كلما طلب منك الخروج رفضت، يريد أن يخرج فلماذا تمنعه؟ وما زالت به حتى جعلته يوافق غصباً، فوافق وقال: دعيه يذهب الله لا يرده، بهذا النص، يقول: والله إنها خرجت من فمي وكأنها رصاصة، عرفت أنها وقعت، لكنه ذهب وركب سيارته بثوب النوم وخرج، فانتظر الأب نصف ساعة، وساعتين، وثلاث، أذن للفجر وما أتى الولد، خرج يصلي، نظر في المسجد فما رآه، وهو كان يراه كل وقت، ومن المسجد ركب سيارته وذهب إلى الشرطة يسأل، واشتغلت الهواتف والاتصالات بين مراكز الشرطة والمرور، فقالوا: هناك حوادث آخر الليل فيها وفيات، أين هم؟ في المستشفى، اذهب إلى (الثلاجة) فذهب إلى (الثلاجة) يبحث وفتح الباب وإذا ولده آخر واحد في (الثلاجة) بثوبه الذي خرج وهو يراه، يقول: لما خرج عرفت أني الذي قتلته؛ لأني دعوت عليه أن الله لا يرده ولم يرده ربي فعلاً، يقول: فلا أزال أذكر هذا حتى أموت، لا أنساه، يقول لي هذا الكلام والدمع يقطر من عينيه، يقول: يا ليتني ما قلتها، لكن هو الذي حملني على أن أقولها.
فبعض الأبناء يحمل أباه بالعناد إلى أن يدعو عليه، فلا تحمل أباك فيدعو عليك، وأنت يا أيها الأب: إذا صار ولدك عنيداًَ لا تكن أيضاً جاهلاً فتدعو عليه، كان المفروض أن تقول: الله يردك، هيا اذهب الله يحفظك، لكن الله لا يردك، وأنت صادق، وقعت عند الله واستجاب الله عز وجل، فلا ينبغي للمرأة ولا للرجل الدعاء على الأولاد أو على الأنفس أو على الأموال.