[حسن اختيار الصحبة]
ومن أسباب السعادة: حسن الاختيار للصحبة.
إذا كان صاحبك طيباً فإنه يدخل الراحة والأمن والسعادة عليك؛ لأنه لا يجرك، ولا يدعوك إلا إلى الخير؛ إن غضبت استرضاك, وإن كسلت نشطك, وإن عصيت جعلك تطيع.
المهم أنه طيب معك, لكن إذا كان زميلك سيئ -والعياذ بالله- فإنه يجلب لك السوء من كل جانب، ولهذا يقول:
فلا تصحب أخا الفسق وإياك وإياه
فكم من صاحب أردى مطيعاً حين آخاه
يقاس المرء بالمرء إذا ما المرء ما شاه
وللناس على الناس مقاييس وأشباه
وللقلب على القلب دليل حين يلقاه
والآخر يقول:
إذا ما صحبت القوم فاصحب خيارهم ولا تصحب الأردى فتردى مع الردي
عن المرء لا تسأل وسل عن قرينه وكل قرين بالمقارن يقتدي
وإذا أردت أن تعرف الرجل فاسأل عن أصحابه, فإن كان أصحابه طيبون فهو طيب، وإن كانوا سيئين فهو سيء ولو كان طيباً في نظرك, لماذا؟ لأننا ما رأينا أبداً غراباً يمشي مع الحمام, ولكن رأينا الغراب مع الغربان, ولا رأينا قرداً يمشي مع الغزلان, فكل واحد يمشي مع صنفه, وحتى تكون سعيداً ابحث لك عن رفقة صالحة؛ ولهذا عليه الصلاة والسلام في توجيه نبوي كريم في الصحيحين يقول صلى الله عليه وسلم: (مثل الجليس الصالح وجليس السوء كمثل حامل المسك ونافخ الكير) حامل المسك لا تجد منه إلا خيراً، إما أن يحذيك -أي: هدية- أو تشتري منه شيئاً، أو تجد ريحاً طيبة, لكن نافخ الكير إما أن يحرق ثيابك، يضع شرارة على ثوبك، أو أن تخرج وقد وجدت رائحة كريهة من عنده -والعياذ بالله-.
فعليك بحسن الصحبة والاختيار للصاحب, ولكن كيف تختار الصاحب؟ يجب أن تكون هناك مميزات للصاحب الذي تختاره، أولاً: أن يكون صاحب دين وعقيدة والتزام, وخلق كريم, ومبادئ وفضائل, وشهم وشجاع لكن إذا رأيت إنساناً -والعياذ بالله- شهوانياً أو قذراً, أو فاسقاً, أو يحب المعاصي ويكره المساجد, فهذا لا تقربه، لماذا؟ لأنك سوف تردى بردائته -والعياذ بالله- فلو قيل لك: أحد زملائك مصاب بداء الإيدز, هل ستجلس معه؟ لن تجلس معه, ولن تكلمه حتى في التلفون لأنك تخاف أن يأتي الفيروس عبر التلفون! تخاف من الإيدز, لماذا؟ تقول: انتهى أمرك.
أنت مصاب بالإيدز.
وكذلك الذي عنده إيدز في إيمانه, وكوليرا في عقيدته, وسل في أخلاقه, هذا أخطر عليك من ذلك, فابتعد عنه ولا تصحب إلا الرجل الصالح الذي يعينك على طاعة الله حتى تكون سعيداً.
وكم من إخوة وشباب عاشوا على الشقاء بجميع صوره وأشكاله بسبب صحبة السيئين! أذكر فيما أذكر من قصص الحياة, شاب -عندنا في المنطقة الجنوبية - له زميل سيئ والاثنين سيئين, وكان الشاب يستعد لنومه وإذا بزميله السيئ يطرق عليه الباب وتستجيب الأم, فيقول: أريد فلاناً, قالت: نائم, قال: أيقظيه, قالت: يا ولدي الآن نصف الليل فالساعة (١٢) ليلاً، وهو الآن نائم, قال: أيقظيه الأمر هام, فذهبت إلى ولدها وقالت: فلان يريدك في أمر هام, فنزل عليه, قال له: أنا عندي موعد الليلة -يسميها صيدة, يصطاد محارم الله- وأنا عندي صيدة الليلة وأريدك أن تمشي معي من أجل أن تحميني, قال: أبشر, فرجع البيت ولبس ثيابه وأخذ المسدس في جنبه وركب وإياه في السيارة، وذهبوا إلى المكان الذي يصطادون فيه المحرم -الإنسان يصطاد طاعة الله في هذه الحياة وهؤلاء يصطادون محارم الله ومحارم المسلمين- وأمره بالوقوف في مكان معين عند شجرة، وقال: اجلس هنا إلى أن أطلبك وجاء واقتحم جدار البيت وفتح الباب ودخل, فشعر صاحب البيت بأن هناك شخصاً فتح الباب, فقام وأسرج الكهرباء, وخرج وطارده بالحجارة والعصا لكن لم يلحقه فقفز وهرب, ففتح الباب وخرج يبحث عنه وإذا به يفاجأ بالحارس فطارده, فلما أدرك أنه رآه أخذ المسدس وقتل صاحب البيت! اجتمع الناس على إطلاق الرصاص وقبض على الجاني وحقق معه, وذكر الأمر، وقال: أنا كنت نائماً في البيت وجاءني فلان ودعاني وأعطاه نفس الكلام , ثم قبض على زميل السوء فأنكر كل ذلك, قال: أبداً.
لا أعرفه ولا يعرفني، وعندي شهود على أني في تلك الليلة التي يدعي هذا أنني جئت ودخلت عليه أني كنت في القرية الفلانية سامر عندهم من المغرب إلى الفجر, وفعلاً أتى بشهود، قالوا: إنه كان عندنا وأنه ما خرج ولم يثبت عليه شيء, وهذا الرجل -طبعاً- حكم عليه بالإعدام وانتظر في السجن فترة طويلة ثم اقتيد إلى ساحة القصاص وقتل! انظروا كيف الشقاء -أيها الإخوة! - من جرّه إليه؟! الزميل السيئ وقس على هذا.
فاحذر يا أخي من صديق السوء.