للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

[الصلاة في المسجد جماعة]

أولاً: أن يصلي في المسجد إذا كان رجلاً، إذ لا تقبل الصلاة في غير المسجد إلا من عذر، وقد كنت أراجع المسألة هذه وأقرأ كلام أهل العلم في حكم صلاة الجماعة، فقرأت كلاماً نفيساً لشيخ الإسلام ابن تيمية في كتابه الاختيارات الفقهية أكد فيه على أن حضور الجماعة شرطٌ في صحة الصلاة، وأنه لا تُقبل صلاة إنسان يُصلي في غير المسجد من غير عذرٍ شرعي.

يعني أنت معافى في بدنك وآمن وتسمع الأذان ويُقال لك: قم، تقول: لا.

أنا سوف أصلي هنا، لماذا والحديث الذي في صحيح البخاري وصحيح مسلم يقول عليه الصلاة والسلام فيه: (لقد هممت أن آمر بالصلاة فتُقام ثم آمر رجلاً فيؤم الناس ثم أنقلب إلى رجالٍ لا يشهدون الصلاة في المسجد فأحرق عليهم بيوتهم بالنار لولا ما فيها من الذراري والنساء)، والرسول صلى الله عليه وسلم لا يحرق على ترك سنة، ولا يحرق إلا على ترك واجب وأمر عظيم، ولكن منعه من التحريق وجود من لا تجب عليه الجماعة في البيوت وهم النساء والذرية وسوف يتضررون بتحريق البيوت؟ وفي صحيح مسلم عن ابن مسعودٍ قال: [من سره أن يلقى الله غداً مسلما فليحافظ على هذه الصلوات الخمس حيث ينادى بهن، فإن الله شرع لنبيكم سنن الهدى؛ وإنهن من سنن الهدى، ولو أنكم صليتم في بيوتكم كما يصلي هذا المتخلف في بيته لتركتم سنة نبيكم، ولو تركتم سنة نبيكم لضللتم، ولقد رأيت الرجل منا يهادى بين رجلين حتى يقام في الصف، ولقد رأيتنا وما يتخلف عنها إلا منافق معلوم النفاق]-والعياذ بالله- والله يقول: {وَأَقِيمُوا الصَّلاةَ وَآتُوا الزَّكَاةَ وَارْكَعُوا مَعَ الرَّاكِعِينَ} [البقرة:٤٣] وأهل النار المجرمون وهم في النار إذا قيل لهم من قِبَلِ أهل الإيمان: {مَا سَلَكَكُمْ فِي سَقَرَ * قَالُوا لَمْ نَكُ مِنَ الْمُصَلِّينَ} [المدثر:٤٢ - ٤٣] ما قالوا لم نكُ نصلي، فربما كانوا يصلون لكنهم ما كانوا من المصلين، والله يقول: {وَارْكَعُوا مَعَ الرَّاكِعِينَ} [البقرة:٤٣] والله يقول: {فِي بُيُوتٍ أَذِنَ اللَّهُ أَنْ تُرْفَعَ وَيُذْكَرَ فِيهَا اسْمُهُ يُسَبِّحُ لَهُ فِيهَا بِالْغُدُوِّ وَالْآصَالِ * رِجَالٌ لا تُلْهِيهِمْ تِجَارَةٌ وَلا بَيْعٌ عَنْ ذِكْرِ اللَّهِ وَإِقَامِ الصَّلاةِ} [النور:٣٦ - ٣٧].

فلا بد أن تصلي في المسجد إلا من عذر، والعذر الشرعي محدد: - خوف، أي: تخاف إذا خرجت ألا تصل إلى المسجد، كأن تقتل، وهذا غير موجود في مجتمعنا، والحمد لله على نعمة الأمن والأمان والاستقرار، فهذه نعمة يجب أن نشكر الله عليها، ولو خررنا ساجدين لله من الآن إلا أن نموت ما شكرنا هذه النعمة وحدها فقط، فكيف بالنعم الأخرى؟ فهذه النعمة ليس لها مثيل أبداً؛ لأن الله ذكرها فقال: {وَضَرَبَ اللَّهُ مَثَلاً قَرْيَةً كَانَتْ آمِنَةً} [النحل:١١٢] فأنت آمن، بيتك مفتوح وتنام، فبعض الناس ينام وقد نسي بيته مفتوحاً، أو سيارته مفتوحة، لكنه آمن على ماله، وآمن على عرضه، وآمن على نفسه، وآمن على كل شيء.

وهذه نعمة ليست موجودة في كثير من بلدان العالم المتطورة، فبعضهم هناك لا يأمن على علبة السجارة في جيبه، وإذا خرج من مكان يتعامل فيه بالفلوس مثل البنك يحسبون العلبة مالاً فيلحقونه ويذبحونه ويأخذون العلبة وإذا ليس فيها شيئ.

أو مريض لا تستطيع أن تقوم، أما إذا استطعت أن تقوم وتنادي واحداً من أولادك أو من جيرانك ليعينك على المشي فإن الله يعينك؛ لأن في الصلاة عافية، من الناس من يمرض مرضاً بسيطاً ولكن الله عز وجل يعينه ليأتي يصلي فيعطيه الله العافية بتردده على المسجد، تجده يأتي يصلي الظهر وهو متعب كثيراً لكن يسمع الأذان فيسحب نفسه ويأخذ عصاة ويأتي، ولا يرجع من المسجد إلا وقد شرح الله قلبه وعافى جسده ورد له عافيته، ثم يأتي العصر فتجده يأتي وهو يسحب نفسه، ثم يعود وهو معافى، هذا إذا كان بإمكانه، لكن إذا لم يستطع لأنه مريض فهناك يعفو الله عنه ولا يكلفه الله إلا ما استطاع.

- أو غفل شخص، كأن يكون من عادته دائماً أن يصلي في المسجد ولا يمكن أن يصلي في غير المسجد، لكن في مرةٍ من المرات النادرة جاء من سفر أو سهر أو مرض ونامت عينه وما استيقظ، أو ضبط الساعة ولم تنبه، أو دق عليه أبوه وما انتبه، فهو لم ينتبه إلا وقد فاتته الصلاة فتألم وتندم وتأسف وتقطع قلبه، وقعد يراجع نفسه ثم صلى وهو نادم وتائب ومستغفر، فهذا نقول: نسأل الله أن يغفر له.

لكن شخصاً يسمع الأذان ويقول: لا.

سأصلي هنا، خاصة إذا كان يشاهد مسلسلاً أو مباراة يقال لهم: يا أولاد! قوموا صلوا فيقولوا: لا نريد أن تفوتنا يا شيخ! لا إله إلا الله! تفوت طاعة الله في الجماعة في المسجد وتجلس على هذا الشيء التافه، هذا من قلة عقل الإنسان -والعياذ بالله-.

فيأتي الرجل إلى المسجد ويكون مجيئه مبكراً، يعني مع أول الوقت، فلا يجلس إلى أن تُقام الصلاة ثم يحضر؛ لأنه من أتى الصلاة دباراً -والعياذ بالله- يوشك أن يدبر عنه الخير؛ فلا بد أن تأتي مع أول الأذان.