الرحمة كما يقول العلماء: قاعدة قضائه في خلقه؛ الأصل في كل شيء رحمة الله؛ لسعتها وشمولها، ولأنها مكتوبة؛ كتبها الله عزَّ وجلَّ بإرادته وفضله، {كَتَبَ عَلَى نَفْسِهِ الرَّحْمَةَ}[الأنعام:١٢].
فالرحمة قاعدة معاملته مع خلقه في الدنيا والآخرة، ولو أن الله يؤاخذ الناس بغير الرحمة ما ترك على ظهرها من دابة، ولأهلك الناس من زمن طويل، ولم يبق أحداً؛ لأن كل واحد يذنب في كل يوم ذنباً؛ لكن ما أعظم رحمة الله عزَّ وجلَّ! انظر إلى نفسك أنت كم تخطئ في اليوم الواحد؟! وكم تقترف من الذنوب والمعاصي؟! ففي هذا اليوم من الصباح إلى المغرب كم نظرت إلى النساء؟! هل سمعت منكراً؟! هل تكلمت في محذور؟! هل فكرت في حرام؟! هل صليت في المسجد؛ الفجر والظهر والعصر والمغرب والعشاء؟! هل عملتَ خيراً؟! تصدقت؟! أصلحت؟! أمرت بمعروف، نهيت عن منكر؟! كل هذه الأسئلة يجب أن تدور في ذهنك وستجد في المقابل الثاني معاصٍ، فلو أخذك الله بالمعاصي لأهلكك اليوم، وأهلك أهل أمس، وما بقي أحد؛ ولكن القاعدة الأصلية في تعامل الله عزَّ وجلَّ مع خلقه، ويعاملهم به في الدنيا وفي الآخرة هي: رحمته فله الفضل والمنة، وله الشكر على هذه النعمة.