هناك من البشر من تحدث عن الإنسان وهو لا يعرفه، والذي يتحدث عن الشيء وهو لا يعرفه سيكون حديثه خطأ، وأحكامه غير صائبة؛ لأن الحكم على الشيء فرعٌ عن تصوره، ومادام تصورهم عن الإنسان خاطئ فستكون أحكامهم أيضاً خاطئة، يقول الله تبارك وتعالى في القرآن الكريم:{مَا أَشْهَدْتُهُمْ خَلْقَ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَلا خَلْقَ أَنْفُسِهِمْ وَمَا كُنْتُ مُتَّخِذَ الْمُضِلِّينَ عَضُداً}[الكهف:٥١] فيوم أن خلق الله الإنسان (آدم) ما كان أحد يراه في ذلك اليوم إلا الملائكة، ولا يوجد أحد من البشر حتى يرى كيف تمت الخلقة، ولكنَّ الله خلقه وهو أخبر به؛ لأنه خلقه من طين، وسواه ونفخ فيه من روحه، وأسجد له ملائكته إلى بقية السلسلة من الخلق، ثم جعل نسله من سلالة من ماء مهين، وهاهو النسل يتكرر، ويتم أمامنا في كل لحظة ووقت وحين إلى يوم القيامة.
لكن هناك من البشر -كما قلت لكم- من تحدث عن هذا الإنسان من منطق لا يعرفه الإنسان وقالوا: إن الإنسان -طبعاً من غير علم- نظرية.
فهذا طبيب نصراني مسيحي اسمه داروين ألف كتاباً اسمه أصل الأنواع وتحدث فيه عن أصل الإنسان وقال: إن الإنسان في بداية خلقه كان خلية، وهذه الخلية مرت بمراحل كثيرة عبر ملايين السنين من الارتقاءات، فكان خلية ثم قطعة من النبات، ثم صار هذا النبات على شكل حيوان، ثم حيوان فقاري، ثم قرد، ثم إنسان، فيقول: إن أصل الإنسان قرد.
يا داروين! من قال لك هذه النظرية؟ من أين جاءت؟ قال: هذه تجارب، وكلام وأفكار.
حسناً! مادام أن الإنسان تطور عبر المراحل من مرحلة إلى مرحلة لماذا استقر عند مرحلة الإنسان؟ لماذا لم يكن بعد ذلك شيئاً جديداً مادام أن القضية تطور، فالذي يتطور يتطور دائماً؟ فقال: سيصبح شيئاً آخر.
متى؟ قال: سوف يتحول بعد خمسة آلاف مليون سنة إلى فأر.
يقول: هذا الإنسان الموجود سيصبح بعد خمسة آلاف مليون سنة فأراً.
حسناً والقرود الباقية الآن لماذا ما صارت إنساناً؟ ولماذا بقيت على حالها؟ لم يتحول ولا قرد من القرود الباقية إلى إنسان، من قال لك هذا الكلام؟ ولكنه قالها وخرجت هذه الفكرة منه.