[ذكر حر النار وبعيد قعرها]
أما عن حر النار وعمقها فإن: [حرها شديد، وقعرها بعيد، ومقامعها من حديد] كما قال عمر بن الخطاب رضي الله عنه.
يروي الإمام أحمد وأصحاب السنن حديثاً صحيحاً عن أبي هريرة رضي الله عنه: قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (إن ناركم التي توقدون جزءٌ من سبعين جزءاً من نار جهنم، قالوا: يا رسول الله! والله إنها كانت لكافية، قال: فإنها فضلت عليها بتسعة وتسعون جزءاً كلها مثل حرها).
أنت الآن لو حاولت أن تقيس درجة حرارة النار، وأن تعرف مقاومة جسمك لحرارة النار، لعرفت أنك لا تستطيع الصبر على النار، لا تحاول أن تأخذ جمرة لكن خذ ماءً حاراً؛ إذا قدم لك الشاي وهو حار لا تقدر أن تشربه، وإذا أكلت طعاماً حاراً أحرق لسانك، وكوى بطنك، فكيف بمن يأكل ويشرب ناراً؟! وما هو حر نارنا هذه بالنسبة إلى تلك النار؟! لا حول ولا قوة إلا بالله، والحديث صحيح.
ويروي الإمام مالك والترمذي بسندٍ صحيح أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: (أوقد على النار ألف عامٍ حتى احمرت، ثم أوقد عليها ألف عامٍ حتى ابيضت، ثم أوقد عليها ألف عامٍ حتى اسودت، فهي سوداء مظلمة).
ويروي البخاري ومسلم حديثاً في الصحيحين أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: (اشتكت النار إلى ربها فقالت: رب أكل بعضي بعضاً، فأذن لي بنفسين، فأذن لها بنفسين: نفسٌ في الشتاء، ونفس في الصيف، فهو أشد ما تجدون من الحر، وأشد ما تجدون من الزمهرير والبرد).
قال تعالى: {قُلْ نَارُ جَهَنَّمَ أَشَدُّ حَرّاً لَوْ كَانُوا يَفْقَهُونَ} [التوبة:٨١].
أما عمق النار إذا ألقوا فيها، فقد جاء في صحيح مسلم عن أبي هريرة قال: (كنا جلوساً عند النبي صلى الله عليه وسلم، فسمع وجبة -أي: هزة ورجة- فقال: أتدرون ما هذا؟ قالوا: الله ورسوله أعلم، قال: إن هذا حجراً رمي في النار منذ سبعين خريفاً فهو يهوي في النار الآن) كم تتصور عمق النار؟ لا إله إلا الله!! بمعنى: أن من نزل فيها لا خروج له، من أين يتسلق؟ أطول سجن في الدنيا جداره عشرة أمتار فكيف الذي مسافة النزول فيه سبعين سنة، والحجر نزل ووصل في تلك اللحظة التي أخبرهم بها النبي صلى الله عليه وسلم.
وقال في حديث آخر عند الترمذي: (إن الصخرة العظيمة لتلقى من شفير جهنم تهوي سبعين عاماً ما تفضي إلى قرارها) أي: ما تصل إلى قعرها، ويروي الترمذي حديثاً آخر قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (ويل وادٍ في جهنم يهوي فيه الكافر أربعون خريفاً قبل أن يبلغ إلى قعره) هذا ويل، ولكن تلك تحته والعياذ بالله.
أما كيف يردها الناس فقد ذكرت أن ورود الناس على أربعة أقسام: ١ - ناس يساقون سوقاً.
٢ - وناس يسحبون على وجوههم.
٣ - وناس يدعون على وجوههم.
٤ - وناس -والعياذ بالله- يحشرون على وجوههم عمياً وبكماًَ وصماً.
ويساقون إلى النار جماعات وزمراً.