يا أخي المسلم! عليك أن تعلم أن المصير محقق وقريب، وليس بينك وبينه إلا أن تموت، وما ذلك ببعيد مني ولا منك انظر إلى الأموات وقل كما قال الأول:
أمر على المقابر كل حينٍ ولا أدري بأي الأرض قبري
فأفرح بالغنى إن زاد مالي ولا أبكي على نقصان عمري
يمر علي رضي الله عنه على أهل المقابر ويقول لهم:[السلام عليكم دار قومٍ مؤمنين، أنتم السابقون ونحن اللاحقون، أما الديار فقد سكنت، وأما الأموال فقد قسمت، وأما النساء فقد تزوجت، هذه أخبارنا فما أخباركم؟] وما عندنا شيء تغير، الليل هو الليل، والنهار هو النهار، والأكل الذي كنا نأكله هو أكلنا، ولا شيء جديد، وتقطعت الأرحام، وظهر العلم، وقل العمل، وتباغض الناس بالقلوب، وتلاعنوا بالألسن -والعياذ بالله-.
يقول النبي عليه الصلاة والسلام:(إذا أظهر الناس العلم، وضيعوا العمل، وتحابوا بالألسن، وتباغضوا بالقلوب، وتقاطعوا الأرحام، عند ذلك لعنهم الله فأصمهم وأعمى أبصارهم) ويقول: (إذا ظهر في أمة خمس عشرة خصلة حلَّ بها البلاء: إذا كانت الأمانة مغنماً، والزكاة مغرماً، وأطاع الرجل زوجته، وعق أمه وأباه، وتُعلم العلم لغير الدين، وظهرت الأصوات في المساجد -بالخصومات، والبيع والشراء، وإنشاد الضالة، والمحاكمات- وظهرت القينات -يعني: المغنيات- والمعازف، وشربت الخمور، وسميت بغير اسمها -والعياذ بالله- ولعن آخر هذه الأمة أولها، فلينتظروا زلزلة وريحاً حمراء وخسفاً ومسخاً) وهذا حصل كله، فيقول: [هذه أخبارنا -ما من شيء جديد- ثم قال: أما -والله- لو نطقوا لقالوا:{وَتَزَوَّدُوا فَإِنَّ خَيْرَ الزَّادِ التَّقْوَى}[البقرة:١٩٧]].
تزود -يا أخي- من العمل الصالح، فإن خير الزاد التقوى، لن ينفع زادك من المال والعلم إلا إذا كان العلم مقروناً بالعمل، لن ينفعك زادك من الجاه، والسلطة، ومن العضلات والقوة، وإنما زادك من التقوى هو ما ينفعك في ذلك المكان الذي يتخلى فيه عنك كل قريب حبيب، ولا ينفعك إلا ما قدمت يداك، إن خيراً فخير، وإن شراً فشر.