أوحى الله إلى نوح وإلى النبيين من بعده، وعدد الأنبياء والرسل كثير، لم يقص الله علينا في القرآن إلا قصة أربعة وعشرين نبياً ورسولاً؛ جاء منهم ثمانية عشر في سورة الأنعام من قول الله عز وجل:{وَتِلْكَ حُجَّتُنَا}[الأنعام:٨٣] وستة جاءوا متفرقين في ذكرهم في القرآن الكريم، قص الله عز وجل في القرآن بعضهم وبعضهم ما قصهم، قال تعالى:{إِنَّا أَوْحَيْنَا إِلَيْكَ كَمَا أَوْحَيْنَا إِلَى نُوحٍ وَالنَّبِيِّينَ مِنْ بَعْدِهِ وَأَوْحَيْنَا إِلَى إِبْرَاهِيمَ وَإِسْمَاعِيلَ وَإِسْحَاقَ وَيَعْقُوبَ}[النساء:١٦٣] ابن إسحاق.
{وَالْأَسْبَاطِ}[النساء:١٦٣] أولاد يعقوب.
{وَعِيسَى وَأَيُّوبَ وَيُونُسَ وَهَارُونَ وَسُلَيْمَانَ وَآتَيْنَا دَاوُدَ زَبُوراً}[النساء:١٦٣] الزبور الكتاب الذي أنزل على داود كان {وَرُسُلاً قَدْ قَصَصْنَاهُمْ عَلَيْكَ مِنْ قَبْلُ}[النساء:١٦٤] أي: في القرآن {وَرُسُلاً لَمْ نَقْصُصْهُمْ عَلَيْكَ وَكَلَّمَ اللَّهُ مُوسَى تَكْلِيماً}[النساء:١٦٤] وموسى مختص بهذا، كل الرسالات كانت تنزل وحياً إلا رسالة موسى فقد كلمه الله تعالى، يقول الله تعالى:{إِنِّي اصْطَفَيْتُكَ عَلَى النَّاسِ بِرِسَالاتِي وَبِكَلامِي}[الأعراف:١٤٤] فهو كليم الله {وَلَمَّا جَاءَ مُوسَى لِمِيقَاتِنَا وَكَلَّمَهُ رَبُّهُ قَالَ رَبِّ أَرِنِي أَنْظُرْ إِلَيْكَ قَالَ لَنْ تَرَانِي وَلَكِنِ انْظُرْ إِلَى الْجَبَلِ فَإِنِ اسْتَقَرَّ مَكَانَهُ فَسَوْفَ تَرَانِي فَلَمَّا تَجَلَّى رَبُّهُ لِلْجَبَلِ جَعَلَهُ دَكّاً وَخَرَّ مُوسَى صَعِقاً}[الأعراف:١٤٣] إلى آخر الآيات.
والرؤية المنفية هنا رؤية الناس لله في الحياة الدنيا، فإنهم لا يستطيعون ولا يقوون على مواجهة نور الله عز وجل، ولكن يوم القيامة يرون الله تبارك وتعالى كما صحت بذلك الأحاديث، وجاءت بذلك الآيات، وعقيدة أهل السنة والجماعة: أن أهل الإيمان يرون ربهم يوم القيامة، نسأل الله أن يجعلنا وإياكم ممن يرى ربه، وأن يمتع أبصارنا وإياكم برؤية وجهه الكريم في الدار الآخرة.
وهذا خلافاً لعقيدة المعتزلة وبعض الخوارج كـ الإباضية فإنهم لا يرون أن الله يرى، لا في الدنيا ولا في الآخرة، وقد رد عليهم العلماء، فقالوا: نعم.
لا ترونه؛ لأنكم في الدار الثانية؛ لأن الله تعالى يقول:{كَلَّا إِنَّهُمْ عَنْ رَبِّهِمْ} من هم هؤلاء؟ هم أهل النار {يَوْمَئِذٍ لَمَحْجُوبُونَ}[المطففين:١٥] وهذه الآية فيها دلالة على أن الله لما أخبر أن الكفار محجوبون عن الله، فيدل على أن أهل الإيمان ليسوا بمحجوبين عن الله سبحانه وتعالى، ويقول الله تعالى في آية أخرى:{وُجُوهٌ يَوْمَئِذٍ نَاضِرَةٌ * إِلَى رَبِّهَا نَاظِرَةٌ}[القيامة:٢٢ - ٢٣] يستدل أهل السنة والجماعة على إثبات الرؤية بهذه الآيات، وكذلك الأحاديث في الصحيحين:(إنكم سترون ربكم كما ترون القمر ليلة النصف لا تضامون في رؤيته) هذا حديث في الصحيحين، وهو صريح ولا مجال لتأويله.
هذا كليم الرحمن موسى عليه السلام، ثم قال عز وجل بعدها:{وَكَلَّمَ اللَّهُ مُوسَى تَكْلِيماً}[النساء:١٦٤].