فضيلة الشيخ! إن إخواننا على الجبال يفترشون الأرض ويلتحفون السماء، أجسامهم عارية وبطونهم جائعة، وقد حصل ما حصل لهم، وكثير من الناس يظن أنهم بعد تشكيل هذه الدولة استغنوا عن غيرهم، ولكنهم يقابلون الآن أعتى قوة، وهم يحصدون نتائج جهادهم، فهل من كلمة توجيهية لهذا الجمع المبارك لمد يد العون لهم والوقوف معهم؟
الجواب
جزى الله أخانا خيراً.
أولاً: اعترافاً بالفضل لأهله، نقدر ونشكر باسم كل مسلم هذا الموقف النبيل الذي وقفه ولاة الأمر في هذه البلاد حينما أعلنوا كلمة الحق مدوية في العالم كله باعترافهم الصريح والمبادر الأول بحكومة الأفغان الإسلامية، فشكرَ الله لهم وثبتهم وهداهم ووفقهم، وهذه رفعت رأس المسلمين، وأوجدت راية للمؤمنين يعتز بها إخواننا المجاهدون، فإنهم يقولون: نحن نعتز باعتراف المملكة العربية السعودية بدولة الأفغان الإسلامية، وهذا الاعتراف يعدل اعتراف جميع دول الأرض كلها، فبارك الله في ولاة الأمر، ووفقهم الله عز وجل وهداهم إلى صراطه المستقيم.
أما نحن فموقفنا ليس أن نتفرج كما نحن الآن عليه، بل يجب أن يكون موقفاً مضاعفاً؛ لأن الإخوة أرغموا الروس على التقهقر والانسحاب، لكن الروس مكرة، فجرة ملحدون، ما خرجوا إلا بعد أن لغموا الأرض بثلاثين مليون لغم، وهي موجودة الآن في الأرض، وممتدة عبر شبكات أرضية وعلى أشكال كثيرة، منها: الأقلام، ومنها الفراش، ومنها البرايات والحلوى وعلب السجاير، ألغام كثيرة، اللغم الواحد منها يفجر سيارة، ثم بعد ذلك لغموا الأرض بالسلاح ومدوا إخوانهم من الشيوعيين الكفرة الموجودين في الحكم بأعتى أنواع الأسلحة، بل إن هؤلاء مستميتون؛ لأنهم يعلمون أنهم لا يستطيعون أن يحيوا مع الإسلام، فهم كفار ملاحدة لا يسلمون بسهولة؛ ولذلك يقول القادة: نحن نحارب الآن أكثر من حربنا سابقاً؛ لأن الروسي كان يحارب وهو ينظر إلى الهزيمة ليخرج إلى بلده، بينما الأفغاني الكافر يحارب وأين يذهب؟ ليس معه إلا أنه يحارب حتى يموت، ولذلك فالمعركة الآن شديدة جداً جداً، وتستوجب منا جهداً مضاعفاً، لكن بم؟ إن عجزنا عن الجهاد بأنفسنا فلا أقل من أن نجاهد بأموالنا، وقد قال الله تعالى:{يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا هَلْ أَدُلُّكُمْ عَلَى تِجَارَةٍ تُنْجِيكُمْ مِنْ عَذَابٍ أَلِيمٍ * تُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَرَسُولِهِ وَتُجَاهِدُونَ فِي سَبِيلِ اللَّهِ بِأَمْوَالِكُمْ وَأَنْفُسِكُمْ}[الصف:١٠ - ١١].
وقد وصلتني رسالة من أحد الإخوة القادة، يقول لي فيها: نريد من كل مسلم أن يجعل الجهاد كواحد من أطفاله، فإذا كان لديك مثلاً ثلاثة أولاد، وتعطي كل ولد خمسة ريالات من أجل السندوتش والعصير، فهذا الأخ يقول: نريد أن يكون الجهاد ولداً رابعاً، فإذا كان عندك أربعة أولاد فاجعل الجهاد ولدك الخامس، وهكذا، اجعل فسحة للمجاهدين في حساباتك، كل يوم خمسة ريالات، فيكون في الشهر مائة وخمسون ريالاً، فلو أن كل مسلم دفع شهرياً مائة وخمسين من راتبه للمسلمين المجاهدين، لكان المسلمون المجاهدون على أعظم مستوى من القوة، فنقول لكم أيها الإخوة: جاهدوا بأموالكم وأنفسكم.