الطعام ضروري جداً للإنسان، ولا يعيش الإنسان إلا بالهواء والماء والغذاء، ولكنه ليس مهماً كالماء، فيستطيع الإنسان أن يصبر عن الطعام مدة طويلة، تعرفون بعض الناس يضربون عن الطعام أشهراً ولا يموتون، ولذا كان خروج الطعام للإنسان من الأرض بكلفة أشد، وبتعبٍ أكثر، لماذا؟ لأنه يستطيع أن يصبر عليه، هذه ضرورات الحياة: هواء وماءٌ وغذاء، هذه ضروريات لا يستطيع الإنسان أن يعيش بغيرها، وإذا فقد الجسد هذه الضروريات الثلاث مات.
وكما أن للجسد ضرورات لا يستطيع أن يعيش إلا بها كذلك للروح ضرورات لا يستطيع الإنسان أن يعيش إلا بها، وإذا قصر في هذه الضرورات ماتت روحه، والناس في غفلة من هذا الأمر، وهذه مهمة -أيها الإخوة- ويجب أن نركز على هذا الموضوع جداً، فإذا كنا نعرف أننا مخلوقون من هذين العنصرين وأن لكل عنصرٍ غذاءه المناسب له، فلما كانت الروح من السماء كان غذاؤها من السماء، ولما كانت الجسد مخلوقة من الأرض والطين كان غذاؤها من الأرض والطين، ويوم أن نقصر في أي مادة من مواد الروح أو مادة من مواد الجسد تموت.
أجل! نحن لا بد أن نعيش حياتين متكاملتين في تنفيذٍ لمتطلبات الجسد والروح، والذي يحصل الآن في البشر أنهم يغلبون جانب الجسد ويهملون جانب الروح فتموت أرواحهم، ويعيشون بغير دين، ويوم أن يعيشوا بغير دين يحصل هناك هزة عنيفة لكيان الإنسان، ويحكم الإنسان على نفسه بأنه ليس إنساناً بل حيوان؛ لأن فيه الجانب الحيواني ممثل بجسده، والجانب الروحاني ملغى من قلبه، فهو من أجل هذا الجانب يركز عليه ومن أجل ذاك الجانب يهمله، وبالتالي يعيش حياةً مشطورة.