ومعنى الحساب: المحاسبة للعباد، المحاسبة معرفة ما لك وما عليك، معرفة مركزك وسنتك المالية، ميزانيتك، أين أنت؟ الآن لا أحد يدري عنك، ولا يدري أحد في الدنيا ما نحن عليه الآن، نحن نعمل، والمحاسبة للنفس يجب أن تكون من الآن، لكن ما تنكشف لنا الأوراق إلا يوم القيامة.
ولهذا أهل الإيمان يوم القيامة يقولون:{الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي هَدَانَا لِهَذَا وَمَا كُنَّا لِنَهْتَدِيَ لَوْلا أَنْ هَدَانَا اللَّهُ}[الأعراف:٤٣] فيوم الحساب يؤتى بسجل الحسنات، ويؤتى بسجل السيئات، ويحاسب الإنسان على كل دقيق وجليل من تصرفاته، يؤتى بأمواله كلها، ويحاسب على كل ريال دخل أو خرج، ويؤتى بساعاته كلها، ويحاسب على كل دقيقة أين قضاها؟ كما يقول الرسول عليه الصلاة والسلام:(لا تزول قدما عبدٍ يوم القيامة حتى يسأل عن أربع: عن عمره فِيمَ أفناه، وعن شبابه فِيمَ أبلاه، وعن ماله من أين اكتسبه وفِيمَ أنفقه، وعن علمه ماذا عمل به) هذا يوم الحساب، يقول الله عز وجل:{إِنَّ الَّذِينَ يَضِلُّونَ عَنْ سَبِيلِ اللَّهِ}[ص:٢٦] أي ينحرفون عن منهج الله: {لَهُمْ عَذَابٌ شَدِيدٌ بِمَا نَسُوا يَوْمَ الْحِسَابِ}[ص:٢٦] لأنهم نسوا يوم الحساب فضلوا عن سبيل الله، لو تذكروا يوم الحساب ما ضلوا عن سبيل الله:{وَقَالَ مُوسَى إِنِّي عُذْتُ بِرَبِّي وَرَبِّكُمْ مِنْ كُلِّ مُتَكَبِّرٍ لا يُؤْمِنُ بِيَوْمِ الْحِسَابِ}[غافر:٢٧] قال الإمام القرطبي: معنى الحساب: أن الله عز وجل يسجل ويحصي ويعدد على الخلق أعمالهم من إحسانٍ أو إساءة، ثم يعدد عليهم نعمه التي تقلبوا فيها: نعمة الخلق والإيجاد، والرزق والإمداد والإسعاد، والهداية والدين، ثم يقابل بعضها ببعضٍ؛ فما زاد عن الآخر حكم للزائد بحكمه الذي عينه له بالخير أو بالشر، يقول عليه الصلاة والسلام:(ما منكم من أحد إلا وسيكلمه الله ليس بينه وبينه ترجمان) هذا معنى الحساب.