للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

[من قوارب النجاة ملازمة ذكر الله سبحانه وتعالى]

القارب الثالث من قوارب النجاة: ذكر الله عز وجل.

وذكر الله من أعظم ما ينجو به العبد من عذاب الله في الحديث يقول عليه الصلاة والسلام: (ألا أدلكم على أفضل الأعمال عند مليككم، وأزكاها لكم عند ربكم، وخير لكم من أن تلقوا عدوكم فتضربوا رقابهم ويضربوا رقابكم، وخير لكم من إنفاق الذهب والفضة؟ قلنا: بلى يا رسول الله! قال: ذكر الله عز وجل).

وقال عليه الصلاة والسلام فيما يحكيه عن ربه عز وجل: (أنا مع عبدي ما ذكرني أو تحركت بي شفتاه، فإن ذكرني في نفسه ذكرته في نفسي، وإن ذكرني في ملأ ذكرته في ملأ خير منهم، وإن تقرب إليَّ شبراً تقربت إليه ذراعاً، وإن تقرب إليَّ ذراعاً تقربت إليه باعاً، وإن أتاني يمشي أتيته هرولة، وكنت إليه بكل خير أسرع) حول (الموجة) على الله وسترى أن ربي يقبلك ولا يردك، لكن إذا أعرضت عنه وزغت عن طريقه لا يرجعك؛ لأنه غني عنك، قال الله: {فَلَمَّا زَاغُوا أَزَاغَ اللَّهُ قُلُوبَهُمْ} [الصف:٥] وقال: {انْصَرَفُوا صَرَفَ اللَّهُ قُلُوبَهُمْ} [التوبة:١٢٧] والعياذ بالله.

فانتبه لئلا تزيغ، ولا تنصرف عن الله، ولا تولي وجهك عن ربك وإنما ولِّ وجهك إلى الله، ومن ثَم أبشر ستتوجه لك كل خيرات الدنيا والآخرة إذا وجهت وجهك إلى الله: {فَفِرُّوا إِلَى اللَّهِ إِنِّي لَكُمْ مِنْهُ نَذِيرٌ مُبِينٌ} [الذاريات:٥٠].

ذكر الله من أعظم القربات، يقول فيه النبي صلى الله عليه وسلم: (مثل الذي يذكر الله والذي لا يذكر الله كمثل الحي والميت) ويقول الله عز وجل: {فَاذْكُرُونِي أَذْكُرْكُمْ} [البقرة:١٥٢] ويقول: {لَقَدْ كَانَ لَكُمْ فِي رَسُولِ اللَّهِ أُسْوَةٌ حَسَنَةٌ لِمَنْ كَانَ يَرْجُو اللَّهَ وَالْيَوْمَ الْآخِرَ وَذَكَرَ اللَّهَ كَثِيراً} [الأحزاب:٢١] وأثنى الله على عباده المؤمنين والمؤمنات فقال: {إِنَّ الْمُسْلِمِينَ وَالْمُسْلِمَاتِ وَالْمُؤْمِنِينَ وَالْمُؤْمِنَاتِ وَالْقَانِتِينَ وَالْقَانِتَاتِ وَالصَّادِقِينَ وَالصَّادِقَاتِ وَالصَّابِرِينَ وَالصَّابِرَاتِ وَالْخَاشِعِينَ وَالْخَاشِعَاتِ وَالْمُتَصَدِّقِينَ وَالْمُتَصَدِّقَاتِ وَالصَّائِمِينَ وَالصَّائِمَاتِ وَالْحَافِظِينَ فُرُوجَهُمْ وَالْحَافِظَاتِ وَالذَّاكِرِينَ اللَّهَ كَثِيراً وَالذَّاكِرَاتِ أَعَدَّ اللَّهُ لَهُمْ مَغْفِرَةً وَأَجْراً عَظِيماً} [الأحزاب:٣٥].

وذكر الله مطلوب من العبد في كل أحواله، حتى قال الله في آخر سورة آل عمران: {إِنَّ فِي خَلْقِ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَاخْتِلافِ اللَّيْلِ وَالنَّهَارِ لَآياتٍ لِأُولِي الْأَلْبَابِ} [آل عمران:١٩٠] من هم؟ قال: {الَّذِينَ يَذْكُرُونَ اللَّهَ قِيَاماً وَقُعُوداً وَعَلَى جُنُوبِهِمْ} [آل عمران:١٩١] وهذه هي الحالات الثلاث التي لا يكون العبد إلا فيها، إما قائماً أو قاعداً أو نائماً؛ فهو يذكر الله قائماً وقاعداً ونائماً، قال: {الَّذِينَ يَذْكُرُونَ اللَّهَ قِيَاماً وَقُعُوداً وَعَلَى جُنُوبِهِمْ وَيَتَفَكَّرُونَ فِي خَلْقِ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ رَبَّنَا مَا خَلَقْتَ هَذَا بَاطِلاً سُبْحَانَكَ فَقِنَا عَذَابَ النَّارِ} [آل عمران:١٩١] فذكر الله عز وجل مطلوب منك أيها المسلم.