النياحة هي: إظهار أي مظهر يعترض فيه على قضاء الله وقدره؛ إما بشق جيب، أو بلطم خد، أو بنتف شعر، أو برفع صوت، أو بالتجمهر مثل ما يفعل الآن في القرى، إذا مات شخص يعلنون كلهم الإضراب عن العمل، منهم موظفون وطلاب ومزارعون يأخذون إجازات ويجلسون كلهم في بيت العزاء، وكلما دخل شخص قاموا: لا هان من جاء، وجلس وأفلح، ولمن العزاء، لكم أنتم؟! المفروض أنكم أتيتم تعزون، فتعزون في المقبرة وذهب كل واحد إلى عمله.
أما الجلوس للعزاء من قبل الجماعة، أو من أهل البيت فليس هذا من السنة، والأدهى والأمر أنهم يجلسون ويعطلون أعمالهم، ثم يحولون العزاء إلى فرح، فتذبح الخرفان ويتقاسمونها بينهم، قال فلان: الفطور عندي هذا اليوم، قال الثاني: والغداء عندي، قال الثالث: والعشاء عندي، الله أكبر والكرم! ولو قيل لهم: هاتوا الخرفان هذه لنجعلها في سبيل الله، ونرسلها لإخواننا المجاهدين، الذين يأكلون الخبز الناشف، الذي يدقونه بالحجارة، قال: والله لا أُسلم ريالاً.
لكن عند مراد الله يفنى كميتٍ وعند مراد النفس يسجي ويلجمُ
يوم أن صارت رياءً ونفاقاً وكذباً، فهي ليست لله ولا ترضي الله، قد يصل الذبح عند البعض في العزاء إلى مائة خروف، أربعة غداء، وأربعة عشاء، وأربعة فطور حنيذ، حتى فرح بعض الناس فتراهم يقولون: اللهم اجعل كل يوم ميتاً؛ ما دام أن فيها عزائم وأكلات، لا حول ولا قوة إلا بالله! لا يجوز الجلوس، ولا يجوز الأكل في بيت الميت، والذي يجوز هو أن يعزى هذا الرجل في أي مكان، فإن لم تجده في أي مكان وأنت تعرف أنه لن يخرج، فلا مانع من أن تصله في بيته، لكن تعزيه وتمشي، أما أن تأكل أو تجلس أو تأتي بأكل أو طعام، لا.
يجوز أن يضع الجيران طعاماً لأهل الميت فقط، أما أن يأتي بطعام لا يكفيهم؛ ويحضر الرز واللحم في قدور ويأكلونه ويرسلون بالعظام والصحون للنساء ليقمن بغسل الصحون فهذا ليس من الدين في شيء.