للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

[كيفية التعامل مع الأقارب ودعوتهم إلى دين الله]

السؤال

أنا شاب هداني الله إلى طريق الحق، وأبعدني عن الضياع بسبب رفقة صالحة، وأخذت أدعو أهلي حتى -والحمد لله- ابتعدوا عن اللهو ومنكراته، إلا إن أحد إخواني أعرض، وهو لا يصلي ولا يزال يستمع الأغاني، وأنصحه فيعرض عني، وأحياناً يحصل بيني وبينه مضاربة ومشادة، وفوجئت في أحد الأيام أن أمي تمنعني عن أصحابي الطيبين حتى أرضيتها وقلت: لن أذهب اليوم، فما الحل أرشدوني وجزاكم الله خيراً؟

الجواب

أولاً: بارك الله فيك وهدانا الله وإياك إلى صراط الله المستقيم، وثبتنا الله وإياك على الإيمان، وما قمت به من دعوة أهلك هو الطريق الصحيح لأن: (خيركم خيركم لأهله، وأنا خيركم لأهلي) والذي لا ينجح مع أمه وأبيه لا ينجح مع الناس، وأسلوبك الطيب مع أمك وأبيك وإخوانك حتى استقاموا طيب، لكن يبدو أنك عنفت على أخيك بدليل أنك تقول: حتى أنك ضاربته، وهذه ما هي دعوة أن تضارب أخاك؛ لأنك إذا ضاربته استقطبت عداوته، وبالتالي خسرته، ولكن عليك باللطف معه، وعليك بالصبر والدعاء له، ودعوته والإهداء له، والتؤدة معه وعدم الاستعجال، الهداية ليست بيدك، أنت تريد أن يهديه الله والله ما أراد أن يهديه، والله يقول: {إِنَّكَ لا تَهْدِي مَنْ أَحْبَبْتَ وَلَكِنَّ اللَّهَ يَهْدِي مَنْ يَشَاءُ} [القصص:٥٦] {إِنْ تَحْرِصْ عَلَى هُدَاهُمْ فَإِنَّ اللَّهَ لا يَهْدِي مَنْ يُضِلُّ} [النحل:٣٧] ربما أنك حريص على هداية أخيك والله يعلم أنه ليس أهلاً للهداية، أتريد أن يغير الله سنته من أجلك؟ لا.

أنت فقط تدعو والباقي على الله.

أما أمك فيبدو أن تغيير موقفها ضدك ومنعك من الذهاب إلى إخوانك بناءً على تغيير موقفك أنت منها، أو من إخوانك، إما بعصيان أو بشدة أو بعنف، لكن عد إلى اللطف واللين، فما كان اللين في شيء إلا زانه، وما كان العنف في شيء إلا شانه.

والحديث الآخر: (بشروا ولا تنفروا، يسروا ولا تعسروا)، (وما خير الرسول صلى الله عليه وسلم بين أمرين إلا اختار أيسرهما ما لم يكن إثماً) بعض الناس يبحث لأهله عن أشد الأمور حتى ينفرهم.

يا أخي: انظر أرخص شيء وأقل شيء وسيرهم عليه ما لم يكن إثماً، لا يفهم بعض الناس من كلامنا هذا أنه يجلب لأهله المنكر ويقرهم على الشر ويقول: يسروا ولا تعسروا، وبشروا ولا تنفروا، فهذا ليس تيسيراً، التيسير في حدود ما أحل الله، والتبشير في حدود ما أحل الله، أما أن تحل لهم الحرام وتعطيهم الحرام، وتغير الحدود وتقول: بشروا ولا تنفروا ويسروا ولا تعسروا، فما بشرت بل عثرت -والعياذ بالله- وخربت.