{وَقَالُوا مَا لَنَا لا نَرَى رِجَالاً كُنَّا نَعُدُّهُمْ مِنَ الْأَشْرَارِ}[ص:٦٢] وهم في النار تذكروا، قالوا: أين الذين كنا نتصورهم من الأشرار من هم؟ هم أهل الإيمان؛ لأن الكفار كانت فطرهم منكوسة، ونظراتهم مغيرة، كانوا يتصورون المؤمن شريراً ويقولون: هذه عقلية متخلفة وهذا هوس ديني.
فتجده في الدنيا يلمز ويغمز، ويصب الاتهامات على المتدينين، فأحياناً يصفهم بالتزمت، وبالاحتقار، فنقول: وأنت أين أنت؟ يقول: هؤلاء أشرار.
أين الذين {كُنَّا نَعُدُّهُمْ مِنَ الْأَشْرَارِ}[ص:٦٢] * {أَتَّخَذْنَاهُمْ سِخْرِيّاً}[ص:٦٣] يقول ضحكنا عليهم في الدنيا، أين هم الآن؟ {أَمْ زَاغَتْ عَنْهُمُ الْأَبْصَارُ}[ص:٦٣] لعلهم في النار، ونحن لا نراهم بأعيننا، أين هم؟ {إِنَّ ذَلِكَ لَحَقٌّ تَخَاصُمُ أَهْلِ النَّارِ}[ص:٦٤].
ثم يتضح لهم أن أولئك في جنات ونهر، في مقعد صدق عند مليك مقتدر، بما صبروا وتحملوا من الأذى في سبيل إرضاء الله تعالى.
ويقع خصام آخر بين الكافر وبين قرينه، القرين: الشيطان.
يقول الله عَزَّ وَجَلّ:{وَقَالَ قَرِينُهُ هَذَا مَا لَدَيَّ عَتِيدٌ}[ق:٢٣] * {أَلْقِيَا فِي جَهَنَّمَ كُلَّ كَفَّارٍ عَنِيدٍ}[ق:٢٤] * {مَنَّاعٍ لِلْخَيْرِ مُعْتَدٍ مُرِيبٍ}[ق:٢٥] * {الَّذِي جَعَلَ مَعَ اللَّهِ إِلَهاً آخَرَ فَأَلْقِيَاهُ فِي الْعَذَابِ الشَّدِيدِ}[ق:٢٦] فيقول الآخر: {قَالَ قَرِينُهُ رَبَّنَا مَا أَطْغَيْتُهُ وَلَكِنْ كَانَ فِي ضَلالٍ بَعِيدٍ}[ق:٢٧] فيتبرأ إبليس ويقول: ما أطغيته، ولكن كان في ضلال بعيد، فقال سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى:{قَالَ لا تَخْتَصِمُوا لَدَيَّ وَقَدْ قَدَّمْتُ إِلَيْكُمْ بِالْوَعِيدِ}[ق:٢٨] * {مَا يُبَدَّلُ الْقَوْلُ لَدَيَّ وَمَا أَنَا بِظَلَّامٍ لِلْعَبِيدِ}[ق:٢٩].