كما هو مأمور بأن يحسن عشرتها أيضاً هي مأمورة بأن تحسن عشرته، وتبحث عن الأسباب التي تجلب له السعادة، وتهتم به، حتى يشعر بأن زوجته جديرة بأن تكون شريكة الحياة؛ لأن الزواج -أيها الإخوة- مسئولية، بعض النساء تهتم بكل شيء إلا الزوج، تهتم بالطبيخ، وتهتم بالغسيل، وتهتم بالكنس، وتهتم بالأطفال، والزوج آخر من تهتم به هذا غير صحيح، الزوج لا يريد نظافة الجدران، ولا رائحة الطعام، بل يريد أن يجد اهتماماً به شخصياً، اهتماماً بموعد نومه، واهتماماً بموعد أكله، واهتماماً بملابسه، واهتماماً بمشاعره، واهتماماً بكل شئونه، حتى الدواء إذا كان مريضاً وعنده حالة مرضية وعنده دواء ويأتي بالعلاج هي التي تذكره، وإذا ذهب إلى الدوام تقول له: أخذت الحبوب معك؟ ما أعظم هذه المرأة! إذا جاء بعد صلاة الظهر وجاء موعد الدواء تتصل به وتقول: أبا فلان! لا تنسى العلاج حقك فموعده الساعة الثانية ما رأيكم لو يسمع رجل هذا الكلام من امرأته ماذا سيقول؟ سيقول: الله يذكرها بالخير، الله يجزيها خيراً، انظروا كيف تهتم بي وأنا في الدوام وهي في البيت، وقلبها معي، حريصة على صحتي وعلى عافيتي، لكن بعض النساء لا تدري هل هو مريض أو في عافية، بل يمكن لو رأت العلاج حقه أخذته ورمت به في الدولاب وقالت: الله لا يرده، أشغلنا بهذه الأدوية التي يجلبها، وهو مريض طوال حياته، وكلما دخل وهو مريض، إذا مات نستريح منه، فما رأيكم بهذه الزوجة؟ وهل هذه زوجة؟ هذه شيطانة والعياذ بالله! فمراعاة مشاعر الزوج مطلوبة، إذا دخل عليها وهو غاضب تقول له: خيراً يا أبا فلان، إن شاء الله ليس هناك شر، ماذا صار عليك؟ أعندك مشكلة في الدوام؟ سُرق عليك شيء؟ تخاصمت مع المدير؟ هل خصموا عليك؟ ثم تدخل معه، وتقول: ما يصير إلا كل خير، والأمر سهل، لكن إذا دخل وهو غضبان وقالت: مالك غضبان؟ هل ضربوا رأسك هذا اليوم؟ تستاهل! لأنك قد آذيتنا أعوذ بالله! أصبحت هذه عدوة وليست زوجة، تنتظر كل مشكلة تحل على زوجها وتدق على رأسه، النبي صلى الله عليه وسلم لما دخل على خديجة رضي الله عنها وقال:(دثروني دثروني، زملوني) قالت: ما حدث؟ أخبرها بالذي حصل، فماذا قالت له؟ قالت تستحق؛ لأنك كل ساعة وأنت في هذا الغار، نقول لك: تعال تعشَ معنا، واقعد معنا، وتخرج ليلتين، كان الرسول صلى الله عليه وسلم يخرج إلى غار حراء الليلة والثلاث والأربع يتعبد، ولا يأتي، وخديجة تعرف أنه يتعبد في الغار، ولو أنها إنسانة سطحية أو مصلحية لاستغلت هذا الحدث، وقالت: تستحق، لا تذهب إلى هذا الغار، فقد نصحناك، نقول: اقعد مع أهلك، اقعد مع عيالك، ورفضت، لكن ماذا قالت رضي الله عنها؟ قالت:(كلا والله لا يخزيك الله أبدا: إنك لتصل الرحم، وتقري الضيف، وتعين على نوائب الحق) انظروا التأييد، انظروا الدعم، هذه المرأة المثالية، ولهذا اختارها النبي صلى الله عليه وسلم وعمرها أربعون سنة، وعمره خمس وعشرين، شاب في ريعان الشباب، وهي امرأة في آخر العمر، ويتزوجها صلى الله عليه وسلم، ويلغي الجانب النزوي والشهواني في حياته، وتبقى وحيدته حتى ماتت، لم يتزوج عليها، ومتى ماتت؟ بعد خمس وعشرين سنة من زواجها، ماتت وعمرها خمس وستون سنة، وعمر الرسول صلى الله عليه وسلم خمسون سنة، استمروا في حياتهم الزوجية خمسة وعشرون عاماً، ولما ماتت تزوج صلوات الله وسلامه عليه لماذا؟ لكبر عقلها، وعظمة نفسها، ولم تكن النواحي الجنسية والنزوات هذه في حياة الرسول صلى الله عليه وسلم ذات أهمية، وإنما كان يغلب الجانب الإيماني، وكانت هي كذلك تغلب الجانب الإيماني فلا بد من مراعاة شعوره، وحسن العشرة معه، كما هي تريد ذلك.