[أهمية صلاة الفجر مع جماعة المسجد]
السؤال
أرجو منك أن تتكلم عن حكم صلاة الفجر في المسجد مع جماعة المسلمين لما نراه من التقصير في هذه الصلاة؟
الجواب
هذه الصلاة أيها الإخوة! هي (ترمومتر) الإيمان الذي تقيس به إيمانك، دخل هذا (الترمومتر) في نفسك هل أنت مؤمن أو منافق عن طريق صلاة الفجر، فإن كنت من أهل الفجر باستمرار فاعلم أنك مؤمن، وإن كان البعيد لا يصلي الفجر في المسجد فاعلم أن البعيد منافق، الكلام هذا من حديث الرسول صلى الله عليه وسلم في الصحيحين عن البخاري ومسلم قال: (أثقل الصلاة على المنافقين صلاتي العشاء والفجر) لا تذهب تدور وتقول: أنا مؤمن يا شيخ أو ما أنا مؤمن؟ نقول: أين أنت في صلاة الفجر؟ إن كنت من أهل الروضة والقيام قبل صلاة الفجر تقوم بنصف ساعة وتصلي ركعتين أو أربعاً أو ستاً، وإذا أعانك الله على ثمان وطرقت باب الله في تلك اللحظة التي لا يطرق بابه أحد فيها إلا أجابه، فرصة لك، كل واحد نائم على وجهه وأنت في تلك اللحظة تستغفر الله.
ولهذا جاء في الحديث: (ركعتان في جوف الليل خير مما طلعت عليه الشمس وغربت) خير من الدنيا وما عليها (وينزل ربنا في الثلث الأخير من الليل إلى السماء الدنيا ويقول: هل من تائب فأتوب عليه، هل من سائل فأعطيه، هل من مستغفر فأغفر له) هذا وقتك يا أخي، اغتنم الفرصة لا أحد يدعو في تلك اللحظة، الناس كلهم رقود وأنت جالس تقول: يا رب أستغفرك وأتوب إليك، ولذلك جاء في الآية الكريمة: {وَبِالْأَسْحَارِ هُمْ يَسْتَغْفِرُونَ} [الذاريات:١٨] الله أكبر! ويقول الله فيهم: {إِنَّ الْمُتَّقِينَ فِي جَنَّاتٍ وَعُيُونٍ * آخِذِينَ مَا آتَاهُمْ رَبُّهُمْ إِنَّهُمْ كَانُوا قَبْلَ ذَلِكَ مُحْسِنِينَ} [الذاريات:١٥ - ١٦] في جنات وعيون آخذين ما آتاهم الله من النعيم لماذا؟ {إِنَّهُمْ كَانُوا قَبْلَ ذَلِكَ مُحْسِنِينَ * كَانُوا قَلِيلاً مِنَ اللَّيْلِ مَا يَهْجَعُونَ * وَبِالْأَسْحَارِ هُمْ يَسْتَغْفِرُونَ * وَفِي أَمْوَالِهِمْ حَقٌّ لِلسَّائِلِ وَالْمَحْرُومِ} [الذاريات:١٦ - ١٩].
فقيام الليل من أعظم القربات، وستجد فيها صعوبة أول الأمر لكن مرن نفسك مرة ومرتين وثلاثاً وأربعاً وخمساً حتى يعينك الله ويقبلك، وتقوم بغير داع، كما قال الله: {تَتَجَافَى جُنُوبُهُمْ} [السجدة:١٦] لم يقل: يتجافون، لا.
جنوبهم هي التي تتجافى، فجنب الواحد لا يدعه ينام، يقول الجنب وهو جماد: قم من النوم لم نعد نريد، شبعنا من النوم {تَتَجَافَى جُنُوبُهُمْ عَنِ الْمَضَاجِعِ يَدْعُونَ رَبَّهُمْ خَوْفاً وَطَمَعاً وَمِمَّا رَزَقْنَاهُمْ يُنْفِقُونَ} [السجدة:١٦] ثم بعد ذلك تقوم بعد ما يؤذن تذكر الله بالأذكار التي تقال في الصباح، ثم تقرأ القرآن إن كان في وسعك، أو تصلي ركعتي الفجر في البيت ثم تذهب إلى المسجد تصلي، تفتتح يومك بطاعة الله.
يقول عليه الصلاة والسلام في الحديث الصحيح: (من صلى البردين دخل الجنة) يعني الفجر والعصر، ويقول عليه الصلاة والسلام: (من مشى في ظلمة الليل إلى المسجد لقي الله بنور ساطع يوم القيامة) وقال: (بشر المشائين في الظلم بالنور التام يوم القيامة) ويقول عليه الصلاة والسلام: (من صلى الفجر في جماعة فهو في ذمة الله حتى يمسي).
ما معنى في ذمة الله؟ يقول العلماء يعني: في عهد الله وأمانه، وأنه إن أماتك أدخلك الجنة، فهل من المعقول أن يدخلك النار وأنت في ذمته؟ أو كيف يعذبك وأنت في ذمة رب العالمين، وإن أحياك أصبت خيراً، وأنت في ذمة الله حتى تمسي: (ومن صلى العشاء في جماعة فهو في ذمة الله حتى يصبح) شيء عظيم يا أخي أنك تقوم بهذا العمل: (من صلى الفجر في جماعة فكأنما قام الليل كله) وقال: (من صلى العشاء في جماعة فكأنما قام نصف الليل) {وَقُرْآنَ الْفَجْرِ إِنَّ قُرْآنَ الْفَجْرِ كَانَ مَشْهُوداً} [الإسراء:٧٨] فهذه يا أخي المسلم! من أعظم القربات والعبادات، وتستعين بالله على أدائها بعدة أسباب: أولاً: النوم المبكر، لا تسهر حتى ولو في طاعة، قال العلماء من أحاديث الرسول صلى الله عليه وسلم: (كان يكره النوم قبلها والحديث بعدها) يعني العشاء، قالوا: إلا في خير، وهل كان النبي صلى الله عليه وسلم يمكن أن يتحدث في شر حتى يكره الحديث الذي في الشر، كان يكره حتى الحديث في الخير، ولكن جوز بعضهم أنه إذا كان لمدارسة علم أو للأمر بمعروف أو النهي عن منكر ولم يكن ديدنة باستمرار فإنه يمكن أن يسمح له، أما من يسهر من بعد صلاة العشاء إلى الساعة الثانية عشرة أو واحدة يتابع المسلسلات والأفلام والمباريات والأخبار ويلعب (البلوت والورقة والدمنة) ما هذا يا أخي هل خلقك ربي لهذه؟! أين عقلك؟ سبحان الله العظيم! أنت رجل عاقل راشد تعطي عقلك غيرك وتجلس أمام المسلسل.
أحد الأقارب خرج من عندي وبعد أن خرج عرفت أنه ما خرج إلا لأنه أتى وقت المسلسل عن طريق أهله بأهلي، قلت: ماذا به فلان استعجل ما جلس عندنا؟ قالت: استعجل لأنه ما عندكم تلفزيون وهو يريد أن يرى المسلسل، وانعم! ما هو المسلسل الذي يراه، هو كذبة يسمونه رواية كاتب، روائي كذاب أخذ قلمه وصنف كذبة، وبعد ما صنفها قال: والله ما أدعها في الكتاب، بل لابد أن أمثلها، وأتى بثمانية كذابين من هؤلاء الممثلين وقال: نريد منكم أن تخرجوا هذه الكذبة إلى الناس، وأنت في دور الرجل وأنتِ في دور المرأة وأنت دور البنت وأنت دور السواق وأنت دور الخادم، وبعد ذلك دخلهم في استريو وأتوا بكل الوسائل وعملوا كل شيء كأنه صدق، وبعد ذلك طلعوا كل ليلة مسلسل وذاك قاعد ويقول كذا وكذا يتلفت يقول كذا، وبعضهم إذا انتهت الكذبة وكانت النهاية حزينة فيها مرض أو فيها مضاربة جلس طول الليلة حزيناً، لماذا؟! وهناك شخص دخل على امرأته وهي تبكي، قال: مالك تبكين؟! قالت: والله رأيت النهاية المؤلمة للبنت تلك المسكينة، والله لا بنت ولا غيره يا بنت الحلال، كله كذب في كذب، والكذب ما أحد يعيش معه يا إخواني، ولو أقول لكم: إني جئت من بيتي ومررت على حادث مروري مروع بين سيارتين ومات فيها عشرة أنفار، فإنكم تنزعجون لهذا الخبر فعلاً، فإذا غلقت وأقول: ترون هذا كذب والله ما وقع ذلك، ماذا تقولون لي: الله أكبر عليك! تخذلنا وبعد ذلك تقول كذب، فهذه الروايات كلها كذب في كذب، فكيف تعيش على المسلسلات وفيها الكذب كله، فلا تتأخر في النوم مبكراً.
ثانياً: نم على ذكر الله، مستقبلاً القبلة متوضئاً، ناوياً القيام لصلاة الفجر، نم على ذكر الله لا تنم على الأغنية، وبعضهم يقعد يبحث في الإذاعة يدخل لها من شرق إلى غرب ما يدع إذاعة إلى أن يصل إلى أغنية، فإذا وصل إليها نام، وضرب بإبليس في مسمعه وبال وجعله ينام، ولا يقوم يصلي الفجر لو تقوم الدنيا كلها ما يقوم معها؛ لأنه نام على غير ذكر الله، لكن إذا نام على ذكر الله قرأ المعوذتين، والإخلاص، وآية الكرسي وسبح الله ثلاثاً وثلاثين وحمد الله ثلاثاً وثلاثين وكبر الله أربعاً وثلاثين وبعد ذلك: (باسمك ربي وضعت جنبي وبك أرفعه، إن أمسكت نفسي فارحمها، وإن أرسلتها فاحفظها بما تحفظ به عبادك الصالحين) وعند البخاري ومسلم حديث عظيم عن شداد بن أوس رضي الله عنه يقول: (إذا أتيت مضجعك فقل: اللهم إني أسلمت نفسي إليك، ووجهت وجهي إليك، وألجأت ظهري إليك، وفوضت أمري إليك، رغبة ورهبة إليك، لا منجا ولا ملجأ منك إلا إليك، آمنت بكتابك الذي أنزلت، وبنبيك الذي أرسلت) ثمان أدعية من أعظم الكلام.
إذا قلته فإن أصبحت قال: (فإن مات من ليلته مات على الفطرة، وإن أصبح أصاب خيراً) فتنام على ذكر الله، وتستقبل القبلة، وقبل ذلك على طهارة، وبعد ذلك تنوي في نفسك أنك تقوم؛ لأن بعضهم ينام وهو ينوي ألا يقوم؛ بل هو مصمم عليها من أول الليل، فكيف ربي يعينه على القيام وهو لا يريد أن يقوم.
ثالثاً: تتخذ الوسائل والاحتياطات والإمكانات التي تعينك، تشتري ساعة منبه، أو تجعل صديقك إذا أتت صلاة الفجر يدق عليك التلفون، ودع التلفون عند رأسك، أو تنبه على المرأة، أو جارك في الشقة، أو جارك في المحل دق عليه.
رابعاً: إذا سمعت طرف إشارة من ساعة أو من تلفون أو صوت مؤذن فرأساً استغل هذه الفرصة واستوِ جالساً، لا تذكر الله وأنت مستلق.
لا.
استو جالساً قل: أشهد أن لا إله إلا الله وأشهد أن محمداً عبده ورسوله، الحمد لله الذي أحياني لأذكر الله.
وبعد ذلك إذا انتهيت وشعرت بأنك ثقيل قليلاً، وأنك تعبان ولا تريد أن تقوم، فقل: أعوذ بالله من الشيطان الرجيم؛ لأن الشيطان في تلك اللحظة يدعو كل زبانيته وشياطينه ويقول: من فضلكم! هذا لا يقوم انتبهوا دعوا أولئك الرقود المقرطسين، فهم حميرنا، هذه ركائب زينة، لكن هذا الذي يريد أن يقوم فلا تجعلوه يقوم، فيأتي الشيطان يجلب عليك برجله وخيله وشياطينه يكسلك ويقول لك: باقي كثير إلى أن يؤذن، ويأتيك مرة ثانية إذا قمت خذ لك قليل راحة، تريد تقوم وتذهب في البرد في المسجد، يأتيك بكل أسلوب حتى يرقدك، لكن إذا رأيت هذه الإيحاءات وهذه الوساوس فقل: أعوذ بالله من الشيطان الرجيم رأساً يذهب منك، إذا لم يذهب قل: أعوذ بالله من الشيطان الرجيم، هذه مدفعية ضد الشيطان الرجيم كما يقول الله: {وَإِمَّا يَنْزَغَنَّكَ مِنَ الشَّيْطَانِ نَزْغٌ فَاسْتَعِذْ بِاللَّهِ} [الأعراف:٢٠٠] وإذا عيا قل: أعوذ بالله من الشيطان الرجيم إلى أن تحس أنك خفيف، كلما أحسست أنك ثقيل قل: أعوذ بالله إلى أن تحس أنك خفيف؛ لأن بعض التعوذات لا تنفع، وبعض الناس يتعوذ لكن لا تصيب الشيطان؛ لأنه غشيم بالتعوذ، مثل الذي معه بندق لكنه لا يصيب الهدف، يضرب وبينه وبين