للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

[أقسام العمل من حيث الخير والشر]

كثير من الناس سار في ركاب الشيطان، وأطاع الشيطان وترك الله عز وجل، وطبيعي أن من عاش مع الشيطان أهلكه الله في الدنيا والآخرة، ثم يموتون كلهم، أولياء الله وأولياء الشيطان، ويقابلون ربهم على ضوء الأعمال التي سلكوها، والأعمال عملان: عمل صالح، وعمل سيئ.

العمل الصالح: ما أمر الله به، وما أمر به رسوله صلى الله عليه وسلم.

والعمل السيئ: ما أمر الشيطان به؛ لأن الله تعالى يقول: {الشَّيْطَانُ يَعِدُكُمُ الْفَقْرَ وَيَأْمُرُكُمْ بِالْفَحْشَاءِ} [البقرة:٢٦٨] كل سوء وكل شر هو من الشيطان الرجيم، وتجد حساباتك عند الموت، ويقدم لك كشف الحساب، يقال لك: {هَذَا كِتَابُنَا يَنْطِقُ عَلَيْكُمْ بِالْحَقِّ إِنَّا كُنَّا نَسْتَنْسِخُ مَا كُنْتُمْ تَعْمَلُونَ} [الجاثية:٢٩].

هذا كتابك، اقرأ كتابك، اقرأ ملفك، هذه درجاتك وعلاماتك التي كنت عملتها في الدنيا {اقْرَأْ كِتَابَكَ كَفَى بِنَفْسِكَ الْيَوْمَ عَلَيْكَ حَسِيباً * مَنِ اهْتَدَى فَإِنَّمَا يَهْتَدِي لِنَفْسِهِ وَمَنْ ضَلَّ فَإِنَّمَا يَضِلُّ عَلَيْهَا وَلا تَزِرُ وَازِرَةٌ وِزْرَ أُخْرَى وَمَا كُنَّا مُعَذِّبِينَ حَتَّى نَبْعَثَ رَسُولاً} [الإسراء:١٤ - ١٥].

ويقوم الناس من قبورهم بعد أن يكون أهل الإيمان وعباد الرحمن، ليسوا عباد الشيطان والشهوات، بل عباد الله الذين نزعوا أيديهم من الشيطان وسلموا أنفسهم لله؛ سلموا أعينهم لله فلا ينظرون بها إلى حرام، وسلموا آذانهم لله فلا يستمعون بها إلى حرام، وسلموا ألسنتهم لله فلا يتكلمون بها في غيبة أو نميمة أو لعن أو سب أو شتم أو شهادة زور أو يمين فجور أو حرام، وسلموا أيديهم لله فلا يمدونها إلا إلى ما أحبه الله، وسلموا أرجلهم إلى الله فلا تحملهم ولا يسيرون عليها خطوة واحدة إلا فيما يرضي الله، وسلموا فروجهم فلا يمكن أن يطئوا بها إلا فيما أباح الله، وسلموا بطونهم فلا يمكن أن ينزل بها لقمة إلا مما أحل الله عز وجل هؤلاء هم عباد الرحمن؛ رضخوا لله، وأذعنوا لشريعة الله، هؤلاء يوم القيامة يموتون ويقال لهم عند الموت: {يَا أَيَّتُهَا النَّفْسُ الْمُطْمَئِنَّةُ * ارْجِعِي إِلَى رَبِّكِ رَاضِيَةً مَرْضِيَّةً * فَادْخُلِي فِي عِبَادِي * وَادْخُلِي جَنَّتِي} [الفجر:٢٧ - ٣٠].

وفي القبر يثبتهم الله، يقول الله تعالى: {يُثَبِّتُ اللَّهُ الَّذِينَ آمَنُوا بِالْقَوْلِ الثَّابِتِ فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَفِي الْآخِرَةِ} [إبراهيم:٢٧] ويحول القبر إلى روضة من رياض الجنة، وتأتيهم أعمالهم على أحسن عمل، أنا عملك الصالح حفظتني حفظك الله، ويوم القيامة يبعثون من قبورهم {لا خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَلا هُمْ يَحْزَنُونَ} [يونس:٦٢].

يمرون على الصراط كالبرق الخاطف، يأخذون كتبهم بأيمانهم، هذه شهادتك: ناجح، يردون الحوض فيشربون شربة واحدة، من شرب منه شربة واحد لم يظمأ بعدها أبداً، يوزنون وإذا بهم موازينهم راجحة ثقيلة، عمل صالح وتقوى، وخوف من الله ورجاء ودعوة وبر وقرآن.

لكن ذلك ماذا عنده: دخان، وأغان، وحلق لحية، ومشعاب، وكذب، ومسجل، ويا ليل ويا عين هذه رجولته، وإذا خرج لعنه الله وطرده على أساس هذا العمل، والعياذ بالله! فالمؤمن له ميزان وله ثقل عند الله، وبعد ذلك يدخل الجنة، يقال لهم: {ادْخُلُوا الْجَنَّةَ أَنْتُمْ وَأَزْوَاجُكُمْ تُحْبَرُونَ * يُطَافُ عَلَيْهِمْ بِصِحَافٍ مِنْ ذَهَبٍ وَأَكْوَابٍ وَفِيهَا مَا تَشْتَهِيهِ الْأَنْفُسُ وَتَلَذُّ الْأَعْيُنُ وَأَنْتُمْ فِيهَا خَالِدُونَ} [الزخرف:٧٠ - ٧١].

أما أتباع الشيطان، عبيد إبليس؛ لأن الله تبارك وتعالى سماهم عبيداً للشيطان؛ لأن العبودية ليست سجوداً وركوعاً، بل العبودية طاعة، فإذا أطعت الله فأنت عبد الله، وإذا أطعت الشيطان فأنت عبد الشيطان، ولهذا فهؤلاء يعيشون في الدنيا على طاعة الشيطان.