وهذا أيوب عليه السلام:(١٨) سنة وهو مريض ما قال: يا رب! أريد العافية، يستحي، ولما قالت له رحمة بنت يوسف: أنت نبي مستجاب الدعوة، اطلب من الله أن يعافيك.
قال: منذ متى وأنا مريض؟ قالت: منذ ثماني عشرة سنة.
قال: وكم مكثت متعافٍ من قبل؟ قالت: ثمانون سنة.
قال: إني أستحي أن أطلب العافية حتى تبلغ مدة مرضي مدة عافيتي.
يقول: إذا أكملنا ثمانين سنة أخبريني أو أعلميني حتى أطلب من ربي أن يعافيني.
هؤلاء هم الذين يعرفون الله.
ثم لما دخلت دودة في قلبه، ودودة أخرى في لسانه، وبدأت تقرص، لم يبق هناك لحم، لم يبق إلا العظم، وحمى الله لسانه بالذكر، وحمى الله قلبه بالشكر، فلما أن جاءت الدودة تبحث وأرادت لسانه، صاح، وقال: ربِّ {إنِّي مَسَّنِيَ الضُّرُّ}[الأنبياء:٨٣] ولم يقل: فعافني، وإنما قال:{وَأَنْتَ أَرْحَمُ الرَّاحِمِينَ}[الأنبياء:٨٣]، إن كنت تريد أن تعافيني يا ربِّ، أو تميتني، أو تتركني فأنت أرحم الراحمين، رحمتك أختارها، انظروا إلى الأنبياء!! يقول العلماء: إن الضر الذي مس أيوب ليس ضر الألم، فقد مسه الضر منذ ثماني عشرة سنة؛ لكنه ضر التعطيل عن ذكر الله وشكره، هؤلاء هم الأنبياء.