للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

[الحذر من المعاصي في الخلوة]

السؤال

شاب يشعر بأنه منافق ومراءٍ بالرغم من أنه يحفظ ربع القرآن، ويحافظ على الصلوات الخمس في المسجد، ويحضر دروس العلم، وينصح الناس، ويأمر بالمعروف وينهى عن المنكر، ولا يستمع إلى الأغاني ولا إلى الأفلام، ولكنه إذا خلا لوحده ارتكب بعض المعاصي وخاصة الاستمناء باليد، وكلما حاول أن يترك هذه المعصية عاد إليها، فما نصيحتكم؟

الجواب

أولاً: كونك تشعر -أيها الإنسان- بأنك مراءٍ أو منافق، فقد قال العلماء: إن الذي يشعر بأنه ليس مخلصاً أو أن عنده نفاقاً فإن ذلك برهان إنه ظاهرة صحية تدل على صلاح في القلب؛ لأنه ما أمن النفاق إلا منافق، ولا خافه إلا مؤمن، ويقول ابن أبي مليكة: [أدركت ثلاثين صحابياً كلهم يخشون على أنفسهم من النفاق] وكان عمر بن الخطاب يأتي إلى حذيفة بن اليمان ويقول له: [أسألك بالله هل عدني رسول الله من المنافقين؟] عمر وهو فاروق الإسلام ومشهود له بالجنة ويخاف من النفاق! لكن الذي نخاف عليك منه هو المعصية؛ لأنك الآن عندك خير؛ تحفظ شيئاً من القرآن، وتحافظ على الصلوات الخمس، وأيضاً تحضر دروس العلم، وتأمر بالمعروف وتنهى عن المنكر، ولا تسمع الأغاني لكنك إذا خلوت بنفسك بارزت الله بهذه المعصية، وهذه ليست سهلة؛ لأن الله عز وجل يغضب عليك إذا مارستها، قال الله تعالى: {يَسْتَخْفُونَ مِنَ النَّاسِ وَلا يَسْتَخْفُونَ مِنَ اللَّهِ} [النساء:١٠٨] {أَتَخْشَوْنَهُمْ فَاللَّهُ أَحَقُّ أَنْ تَخْشَوْهُ} [التوبة:١٣] وجاء في حديث ثوبان وهو في السنن: (يأتي يوم القيامة أقوام بحسنات كأمثال الجبال فيقول الله لها: كوني تراباً.

فتصير تراباً وهباءً، فيقال: لم؟ قال: كانوا إذا خلوا بأنفسهم بارزوا الله بالعظائم).

والاستنماء باليد الذي يسمونه بـ (العادة السرية) أو (نكاح اليد) من الكبائر! ولا ينبغي لك -أيها المسلم- أن تقع فيها بأي حال من الأحوال، ولا يفهم من كلامي -أيها الإخوة- أن الشخص لا يعصي ويصبح ملكاً من الملائكة؛ فإن العبد خطَّاء، ولا بد من الذنب، ولكن الذي نخشاه على الإنسان الاستمرار في الذنب، إنما كونك تخطئ وتتوب هذا جيد؛ لأنك إذا تبت تاب الله عليك وأرجعك إلى مكانك الأول، بل ربما يزيدك منزلة أكبر، لكن لا تتعمد الذنب، وإذا وقعت فيه فسارع بالتوبة منه ولا تصر عليه، وإذا تبت فحقق شروط التوبة، ومن ضمن شروطها: العزم على عدم العودة.

هذا ونكتفي بما حصل، ونسأل الله لنا ولكم التوفيق في الدنيا والآخرة، والله أعلم.