للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

[مرض الغفلة]

المرض الثالث: مرض الغفلة وهذا خطير؛ لأنه سجن للقلب، يصرف الإنسان عن الهداية، فلا يمكن أن يهتدي الغافل، يقول الله عز وجل: {سَأَصْرِفُ عَنْ آيَاتِيَ الَّذِينَ يَتَكَبَّرُونَ فِي الْأَرْضِ بِغَيْرِ الْحَقِّ وَإِنْ يَرَوْا كُلَّ آيَةٍ لا يُؤْمِنُوا بِهَا وَإِنْ يَرَوْا سَبِيلَ الرُّشْدِ لا يَتَّخِذُوهُ سَبِيلاً وَإِنْ يَرَوْا سَبِيلَ الْغَيِّ يَتَّخِذُوهُ سَبِيلاً} [الأعراف:١٤٦] (عن آياتي) أي عن دلالاتي وهدايتي.

لماذا؟ قال عز وجل: {ذَلِكَ بِأَنَّهُمْ كَذَّبُوا بِآياتِنَا وَكَانُوا عَنْهَا غَافِلِينَ} [الأعراف:١٤٦].

ما هي الغفلة؟ قال العلماء: هي نسيان الله وأمره ووعده ووعيده.

فتنسى الله وتنسى وعده ووعيده وجنته وناره ولقاءه والموت والكتاب والسنة والبعث، وتعيش ملفوفاً في دولاب الحياة، تصبح وتمسي وتتمشى وتأكل وتشرب غافلاً إلى أن تموت، فإذا مِت استيقظت، قال الله: {لَقَدْ كُنْتَ فِي غَفْلَةٍ مِنْ هَذَا فَكَشَفْنَا عَنْكَ غِطَاءَكَ فَبَصَرُكَ الْيَوْمَ حَدِيدٌ} [ق:٢٢] يرى لكن لا ينفع، والناس نيام فإذا ماتوا انتبهوا، إذاً انتبه عند الموت: {قَالَ رَبِّ ارْجِعُونِ} [المؤمنون:٩٩] لماذا ترجع؟ قال: {لَعَلِّي أَعْمَلُ صَالِحاً فِيمَا تَرَكْتُ} [المؤمنون:١٠٠] لماذا لا تعمل الآن، تعمل السيئات إلى أن تموت، ثم تقول: ارجعون، قال الله: {كَلَّا إِنَّهَا كَلِمَةٌ هُوَ قَائِلُهَا وَمِنْ وَرَائِهِمْ بَرْزَخٌ إِلَى يَوْمِ يُبْعَثُونَ} [المؤمنون:١٠٠].

- هذه أيها الإخوة! هي الخمسة الأجزاء الرئيسية، جسدٌ لا يتعلق به مدحٌ ولا ذم، أنت طويل أو أبيض أو أسود، أو سمين أو نحيف، إن هذا ما يزيد عند الله ولا يعطيك شيء عند ربك.

وروح لا تعرف عنها شيئاً.

ونفس ينبغي مجاهدتها وتربيتها على أمر الله.

وعقل ينبغي تنويره بالقرآن والسنة.

وقلب عليك الحرص على سلامته من مرض الشبهات، ومرض الشهوات، ومرض الغفلات، يقول ابن تيمية رحمه الله عند قول الله عز وجل: {وَجَعَلْنَا مِنْهُمْ أَئِمَّةً يَهْدُونَ بِأَمْرِنَا لَمَّا صَبَرُوا وَكَانُوا بِآياتِنَا يُوقِنُونَ} [السجدة:٢٤] قال: لا تنال الإمامة في الدين إلا بالصبر واليقين.

الصبر عن الشهوات، واليقين ضد الشبهات.

هذا أيها الإخوة! هو الأمر الأول.