[إخبار النبي صلى الله عليه وسلم بفتنة مقتل عثمان وعمر ووقوعها]
من الفتن التي وقعت: مقتل الخليفة الراشد الثالث عليه من الله أعظم الرضوان عثمان بن عفان رضي الله عنه: قتله كان خبراً يصدِّق خبر النبي صلى الله عليه وسلم، فإنه ورد حديث في الصحيحين: عن أبي موسى الأشعري رضي الله عنه قال: (خرج رسول الله صلى الله عليه وسلم يوماً من المسجد فدخل بئر أريس -يعني: حائط بستان- قال: ثم قال لي: يا أبا موسى! لا تأذن لأحد إلا بعد أن تشعرني -يقول: لا تدع أحداً يدخل إلا بإذني- قال: فقلتُ: لأكونن اليوم بواب رسول الله صلى الله عليه وسلم -وكانوا يتشرفون بخدمته صلوات الله وسلامه عليه- يقول: فدخل وجلس على طرف البئر، ودلى رجليه فيها، ثم طرق طارق الباب، فنظرتُ فإذا هو أبو بكر فقلت: يا رسول الله! هذا أبو بكر، قال: ائذن له، وبشره بالجنة، قال: ففتحتُ له، وبشرتُه بالجنة -اللهم إني أسألك من فضلك- يقول: فجاء وجلس بجوار رسول الله ودلَّى رجليه في البئر، وبعد قليل: إذا بطارق يطرق، فإذا هو عمر، قلت: عمر يا رسول الله! قال: ائذن له، وبشره بالجنة، قال: فأذنتُ له، وبشرته بالجنة، قال: وبعد لحظات قلتُ في نفسي: ويل أم فلان) أخوه يقول: يا ليته يأتي، يظن أن كل من جاء دخل الجنة، ولا يعلم أنه لا يصل إليها إلا من وفقه الله -اللهم إنا نسألك من فضلك يا رب العالمين- قال:(وإذا بالباب يُطرق، قلتُ: مَن؟ قال: عثمان، قلت: هذا عثمان يا رسول الله! قال: ائذن له، وبشره بالجنة مع بلوى تصيبه)، فتنة ومحنة حصلت على عثمان رضي الله عنه، ذُبح بالسيف من رقبته والمصحف بين يديه، وكان عنده بعض غلمانه وهم أربعمائة عبد، كلٌ سيفه في يده، مستعدون أن يقاتلوا إلى آخر لحظة؛ لكن قال لهم:[من وضع سيفه فهو حر لوجه الله] يقول: دعوني حتى ألقى ما وعدني ربي، ودخلوا عليه وذبحوه رضي الله عنه وأرضاه.
ولما قال له أبو موسى قال (بشرك رسول الله بالجنة، مع بلوى تصيبك، قال عثمان: الله المستعان) لا إله إلا الله.
وقد أخبر رسول الله بتلك الفتنة التي أدت إلى مقتل عثمان، وإلى فرقة الأمة الإسلامية، وقد سُل السيف من ذلك اليوم، وسالت الدماء الطاهرة الطيبة بين المسلمين، بين الصحابة المتخاصمين، وكانت هذه الفتنة تموج كموج البحر.
وهناك أيضاً حديث في صحيح البخاري، يقول حذيفة:[كنت جالساً عند عمر بن الخطاب إذ قال: أيكم يحفظ قول النبي صلى الله عليه وسلم في الفتنة -هذه- قال حذيفة: فتنة الرجل في أهله وماله وولده يا أمير المؤمنين تكفرها الصلاة، والصدقة، والأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، قال: ليس عن هذا أسألك، ولكن التي تموج كموج البحر، قال: ليس عليك منها بأس يا أمير المؤمنين! إن بينك وبينها باباً مغلقاً، قال عمر: أيُكسر الباب، أم يُفتح؟ قال: بل يُكسر، قال عمر: إذاً لا يُغلق أبداً، قلت: أجل، لا يُغلق أبداً، فقيل: قلنا لـ حذيفة: أكان عمر يعلم الباب؟ قال: نعم.
كما يعلم أنه دون غدٍ الليلة، وذلك أني حدثته حديثاً ليس بالأغاليط، فهبنا أن نسأله عن الباب، فأمرنا مسروقاً فسأله، قال: الباب عمر] وفعلاً كُسر الباب، يعني: قُتل عمر.
ومنذ مقتل عمر بدأت الفتنة، دخلت الأصابع اليهودية والمنافقة، والطابور الخامس ليزعزع الأمة الإسلامية من الداخل بقيادة عبد الله بن سبأ اليهودي، الذي أعلن إسلامه وهو كذَّاب، يريد نسف الأمة من الداخل، وثارت الفتنة وأخبر بها ووقعت كما أخبر بها رسول الله صلى الله عليه وسلم.